أي موازين اليوم نواجه؟؟..
“البعث الأسبوعية” د. مهدي دخل الله
لا شك في أن التطورات الحادة التي تشهدها المنطقة والعالم تجعل من التحليل السياسي مهمة صعبة ، لا بسبب تداخل التأثيرات وتعامدها فحسب ، بل لأن سورية موجودة في مركز هذه التطورات بسبب الاحتلال الأمريكي والتركي والإرهاب ..
أي عوامل ممكن أن تكون العوامل الأكثر تأثيراً؟ .. وما هو مسارها وتوجهاتها؟ ..
العامل الأول الذي أثبتت فعاليته الأحداث منذ تسع سنوات تامة هو الموقف السوري ، بمعنى الخيار السوري في التعامل مع العلاقات المتداخلة . ويمكن التأكيد هنا على أن قرار التصدي حتى النهاية خيار لا بديل عنه . ولو أن سورية قررت تغيير هذا الخيار لانعكس ذلك مؤثراً على مجمل العوامل الأخرى ..
ثبات الخيار السوري لا يعني أن العوامل الأخرى ستكون أقل تأثيراً ، بل بالعكس تصبح أشد خطورة لأن الخيار السوري عامل معياري في مجمل الحالة .
العامل الثاني موقف الحلفاء ، روسيا وإيران بوجه خاص. ويبدو أن هناك نوعاً من التفاهم المعياري مع موسكو وطهران بأن القرار السوري فيما يخص الأوضاع في سورية هو القرار الحاسم مع التأكيد على أن هناك عملية من التواصل الحواري وعمليات الإقناع بين الحلفاء . لكن الهدف متفق عليه وهو الانتصار الناجز وحماية استقلال سورية . النقاش حول السبل التكتيكية ضروري بما يحمله من محاولات إقناع . المهم أن تتم القناعة المشتركة ..
هذا النقاش الإقناعي يؤكد أننا لسنا تابعين لأحد . ولو كنا تابعين لما كانت هناك حاجة للنقاش وتبادل الآراء والاحتمالات. كان علينا أن ننفذ دون أن نعترض كما يحصل مع التابعين في المنطقة والعالم ..
يبقى العاملان الأمريكي ( الأوروبي ) والتركي ، وكل منهما ثنائي الوظيفة ، وظيفة الاحتلال المباشر ووظيفة دعم الإرهاب والميليشيات العميلة . المشكلة الأساسية هنا أن إدارة بايدن بدأت سياستها الدولية بتوتير العلاقات مع روسيا مع كل ما يحمله ذلك من تحريض لأوروبا وتصليب لوحدة الغرب ( الناتو ) . أما العلاقات مع إيران فيبدو أنها أقل توتراً من العهد السابق ..
أمامنا إذاً توازن جديد ، توتير أمريكي مع موسكو وتخفيف للتوتر مع طهران . وبما أن روسيا وإيران حليفتان لسورية ، فأمامنا فرصة أن نستفيد من دفتي الميزان ، أي من التوتر الأمريكي الروسي بمعنى تعزيز الخط السياسي العسكري السوري الروسي وتصليب المواقف تجاه الإرهاب والتوجه نحو تقديم الحل العسكري . أما تخفيف التوتر الأمريكي الإيراني فهو مفيد لنا إذ أنه يسهم في عزل اسرائيل … وربما في تسهيل العلاقات الاقتصادية بين دمشق وطهران .. المهم أن تكون حساباتنا دقيقة ..