بشفافية..!
بشفافية تامة سنقول ونؤكد كم نحن اليوم بأمسّ الحاجة للشفافية.. للتدثر بجلبابها، لمضامينها.. لمعانيها. وكم نحن بحاجة لشفافية المكاشفة بلا رتوش أو ماكياج في هذه الظروف العصيبة الضاغطة التي أفقدت الكثيرين -رسميين وأفراداً- توازنهم وبوصلتهم؟.
ولأجل ذلك نحتاج لشفافية وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في تعاملها مع واقع الأسواق والأفران والرغيف ومؤسّسات التدخل الإيجابي وما يدور في دهاليزها، ولماذا تبدو خارج السيطرة والضبط، وما هي مبررات تعثّر استخدامات البطاقة الذكية التي وجدت لحلّ المشكلات، لا لتفاقمها، وأين راحت وعود توسيع بنود سلّتها لتشمل الزيوت والسمون والمعلبات بدل تقليصها على مقنّنات السكر والأرز ومؤخراً الشاي؟.. ولماذا كلّ هذا العجز في الإمساك بمعادلة العرض والطلب والتسعير الذي يميل دائماً لمصلحة التّجار، وأسئلة كثيرة ومثيرة مثلها تجعل من الشفافية كلمةً بلا معنى؟!.
وكم نحتاج لشفافية وزارة الكهرباء في توضيح حال الكهرباء المتعثّر والدرك الذي وصلته خدمة الكهرباء، ونحن نعيش مطلع العقد الثاني من الألفية الثالثة، وكيف للوزارة أن تهلّل وتفرح وتتكبّد الكثير من النفقات قبل أيام لحضور الاحتفال الباهت الحاشد -ولو كان بحجة التشجيع- بضمّ واحد ميغا واط من الطاقة الكهربائية الموْلَّدة بالطاقات البديلة في إحدى مزارع محافظة حماة إلى الشبكة العامة التي تحتاج لسبعة آلاف ميغا واط على الأقل؟!.. ولماذا يكتنفُ الغموض عدالة التقنين الذي يتحمّله ثلثا السوريين الذين يتغذون من الألفي ميغا التي ننتجها، فيما الألف المتبقية معفاة تماماً من التقنين تحت مسمّى استراتيجي؟!!.. وما هي الآفاق والحلول المنتظرة لمعالجة واقع الكهرباء المزري -ولو إسعافياً- وإلى متى وأين موقع الدول الصديقة من هذه “الكارثة الكهربائية” الصادمة المدمّرة اقتصادياً ومجتمعياً وحتى نفسياً، إذ لا يجوز أبداً السكوت والتسليم بهذا الحال، ولا بد من حلول عاجلة بأي طريقة؟.
وكم نحتاج لشفافية وزارة النفط التي دلّت الوقائع والتجارب العملية أنها آخر من يعلم بما يجري في سوقنا النفطية، وأنها أبعد ما تكون عن تقديم تفسير واضح ودقيق لما يجري، باستثناء إجراءات الأمر الواقع وتداعيات اللحظة الراهنة؟!.
وكم نحتاج لشفافية وزارة الصحة في تعاطيها مع فيروس العصر “كوفيد١٩” والتحويل الملتبس للمشافي التخصصيّة (مركز جراحة القلب ومشفى الأطفال) إلى مراكز استشفاء لمرضى الكوفيد-١٩ وتأخير وصول اللقاحات الموعودة التي سبقتنا إليه أفقر الدول وأضعفها؟!.
وكم نحتاج لشفافية وزارة التربية التي أكدت بلسان وزيرها قبل أيام أنه لا توجد دواعٍ مقلقة حتى اللحظة تستدعي تعليق دوام المدارس للحدّ من انتشار الكورونا في مدارسنا، وحسناً فعلت، لنفاجأ بين ليلة وضحاها بتعليق دوام المدارس لِتكرّ بعدها سبحة إغلاقات الجامعات والمعاهد، إلى تقليص الدوام الرسمي كلياً أو جزئياً -حسب الحال- في مؤسساتنا ودوائرنا؟!!.
وكم نحن بحاجة لشفافية وزارات الاقتصاد والصناعة والزراعة والمصرف المركزي وكل الوزارات والمؤسّسات لترتقي إلى سوية المرحلة وحساسيتها، والمرونة التي تتطلبها وسرعة التدخل والمناورة مع الحالات الطارئة والمستجدة التي نعتقد أن أهم سماتها “الشفافية”؟!.
وائل علي
Alfenek1961@yahoo.com