ما يجري في سورية امتداد لمؤامرة احتلال العراق
د. رحيم هادي الشمخي
كاتب عراقي
الأحداث التي تمرّ بها الأمة العربية في المرحلة الراهنة تنذر بمخاطر وخيمة لا تُحمد عقباها ولا مدياتها السياسية والعسكرية، وفق حسابات الزمن القادم، لمصالح الدول الكبرى في المنطقة العربية من حيث الاستيلاء على آبار النفط واستلام فاتورة الاقتصاد العربي من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، التي أجّجت هذا الصراع لتحقيق أطماعها العدوانية في العراق وسورية، وطمس معالم الحياة العربية في ليبيا واليمن والسودان لإخضاع العرب للمشروع الأمريكي- الصهيوني بالكامل، وهو ما نراه الآن بالضغط على الشعب السوري وتجويعه عبر حصار قاسٍ وموجع، بعد حرب إرهابية طالت كل المجالات في سورية.
لقد أخطأت بعض الأنظمة العربية في تقويم المرحلة قبل الاحتلال الأمريكي للعراق خطأ فادحاً، ففتحت أرضها ومطاراتها للقوات الأمريكية الغازية، التي دخلت (بغداد الرشيد) بقوة السلاح مع تجييش 500 ألف جندي من المارينز ومعهم المرتزقة من العرب، الذين لا يعرفون شيئاً عن العراق وعروبة بغداد وعظمة الشعب العراقي، الذي عاش أكثر من سبعة آلاف عام قبل الميلاد ليعطي البشرية علوم الحياة.
هكذا كان الموقف الرسمي العربي تجاه الحرب المفروضة على العراق، وكذلك يقف بعض الحكام العرب من أصحاب النوايا السيئة لإعادة الكرّة مرة أخرى لتنفيذ سيناريو العراق في سورية. هم اليوم يؤلبون الوضع، والهدف من ذلك إفساح المجال أمام الاحتلالين الأمريكي والتركي والعناصر الإرهابية لفرض تحويل سورية إلى دولة فاشلة.
إن ما يجري في سورية الآن هو امتداد لمؤامرة احتلال العراق أرضاً وشعباً، ولكن بإخراج وسيناريو جديد، حيث أوكلت أمريكا لعملائها تدمير وحرق إنجازات الشعب العربي السوري وحضارته، وما يحدث في ليبيا واليمن والسودان لهو خير دليل على تواطؤ عرب الجنسية في هذه المؤامرة التي تديرها أكثر دوائر المال إجراماً ووحشية، هذه المؤامرة التي يجتمع فيها المرتزقة والجواسيس في خندق واحد تهدف إلى إقامة دويلات طائفية وعرقية وشوفينية لتفتيت الأمة العربية وسلب هويتها، وطمس ثقافتها والتمهيد للمشروع الاستيطاني الصهيوني باحتلال أراض عربية جديدة (حدودك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل).
لكن، لابدّ لنا ألا نجافي الحقيقة في هذا العالم الذي تحكمه الامبريالية العالمية بالقوة المفرطة، فقدر الشعوب المناضلة هو المقاومة، وقدر سورية أنها لن تخضع لإرادة الذين مازالوا يهرولون وراء أمريكا، ولن تخضع لمعتدٍ غازٍ أو محتلّ لأرضها وشعبها، وما المعركة القادمة مع المحتلين إلا الدليل على أن سورية ستدافع عن سيادتها وقدسية أرضها حتى عودة هذه الأرض المحتلة إلى حضن الدولة.