قراءة في المجموعة الشعرية “طفل ومدينة ونشيد”
في مجموعتها الشعرية بعنوان “طفل ومدينة ونشيد” أميمة إبراهيم صاحبة المواهب المتعدّدة، والتي شملت الشعر وأدب الأطفال والسرد الأدبي ببعض أنواعه، لم تعتمد على الموسيقا، لكنها عوّضت عن ذلك بلغة أخرى لعبت العاطفة الصادقة الأنثوية والمشاعر الإنسانية التي تتوسد روحها، دوراً كبيراً في التنسيق مع خيالها، لتكوين اللقطات المضيئة في مقاطع ونصوص أدبية، ضمن الحداثة الجديدة التي أخذ بعضها مكاناً كبيراً له في عالم الأدب ومن قصيدة يورق الصمت بالكلام نقتطف مايلي:
للغيم لغته الباذخة/صمته المريب/ارتعاشة لذته.. إذ يهمي مطراً/برودته إذ يندف ثلجاً/للغيم أغنيات نائمات في سرير
على هذا المنحى تواكب الشاعرة أميمة إبراهيم مسيرتها الإبداعية لتمرّ على كائنات جميلة في كون قوامه مختلف الأشياء المتوافقة والمتناقضة وعبر الانتقاء، مدّت أصابعها لتكوّن علاقة بين ما هو موجود في خيالها ومرسوم في ذاكرتها وبين ما رأته لتؤدي لوحتها على فن شعوري شغف بالعلاقة مع المتلقي فكتبت في ومضات:
موكب الفراشات/يمخر عباب روحي/روحي حكايات موج ورقص نوارس
في ترتيباتها تدلك الشاعرة أميمة إبراهيم أيها القارئ على الأشياء التي عاشتها والأماكن التي انتقتها، وهذا بشكل عفوي يأخذك إليه الكلام الذي اشتغلت على نسيجه والمفردات الجميلة المؤنقة التي اختزنت في خيالها وجاءت على الورقة دون تكلف أو عناء لتلبي حركة العاطفة الداخلية التي هي جزء كبير من كينونة الأدب تقول:
هذا الندى موحش/والظلمة عواء ذئب/في ليل اشتد أوار برده/لا حصى تطبخها الأم/لا..
وشأن عفوية الأدباء تأخذ ملمات الحرب حيزاً كبيراً من وقت الشاعرة ولاسيما أنها كما أسلفت متعدّدة المواهب، وبرغم كل شيء تصمّم على أن تواجه وأن تبقى، فالظروف التي عاشتها وكل شيء مر به البلد جزء كبير من تكوينها النفسي الذي عبَر روحها المتألمة لينصب على سطورها النازفة بالألم ومن ذلك أختار قولها:
اختطف غول الحرب أبجديتي/عنها ألوب باحثة/تندهني الحروف/لا أراها/مازلت في المتاهات والخفايا أبحث/كي أفك وثاقها
كما تعبّر الشاعرة في مجموعتها عن مواضيع وقضايا مهمة قد تخص نساء كثيرات وليست فقط ذاتها، فهي موزعة بين الحلم والحقيقة التي لابد من أن يكون الواقع جزءاً كبيراً منها ولكن مسافات الإنسانية داخلها تجعلك تعيش بين نضارة كلماتها وتتفرد هي بالألم والصراع الداخلي مع منظومة الحياة بطعم مذاقها المر وتأثيره على باقي المحسوسات الإنسانية.
نبوغ محمد أسعد