لماذا تموت الوردة في نيسان؟
رحلت سوسن جلال الفنانة التشكيلية السورية المعروفة بعذوبتها تاركة إرثاً كبيراً من الحب والعطاء واللطف.. على غير عادتها لم تتصل لتطمئن على صديقاتها وأصدقائها مثل أُم، كنت أظن أنها مشغولة في هذا الشهر الفضيل بطقوس الصلاة والصوم، وكثيراً ما ترددت في الاتصال معها فقد كنت أؤجل كل هذا إلى غد.. ومر الغد وبعده إلى حين وصلني الخبر أن الوردة التي تحب قد ذبلت ورحل عطرها في السماء.
كانت وردة ترسم وردة ونافذة تبعث الضوء والحياة وكانت جملة حواس بالغة اللطف والود، جسدت شخصية الفنان الحقيقي في عطر سيرتها ولم تنقطع يوما عن تربية الجمال وبعثه في وجه هذا العالم القاسي والمتقلب، هي بنت ذاك البيت الذي أسسه والدها الفنان الرائد محمود جلال وعمّره بالدفء والإبداع برفقة أخيها الفنان خالد جلال.. هي ابنة ذاك الوجود الثر من الجمال والبحث في عالم الفن واللون.
برزت موهبتها المبكرة في الرسم ونضجت بدراستها المتخصصة للعمارة الداخلية عام 1977 إلا أن شغف الرسم لم ينته عندها حيث تنقلت في مواضيع شتى منها رسم الحارة الدمشقية والبيت الدمشقي ورسم الوجوه والمرأة وأبدعت في نهاية مشوارها حينما وجدت ضالتها في الوردة التي سكنت فيها واتخذتها موضوعاً أثيراً وكأني أراها ترسم ذاتها البتول بألوان الطهارة والعفة..
سوسن لم تكن رسامة عادية بل كانت تعيش ما ترسم وتحاكي محيطها بجمال ما تراه فيه.. نامت سوسن مفتوحة العينين على حب البلاد والأهل والأصدقاء.. تاركة لنا ضحكتها الصغيرة معلقة على أصيص الورد وشرفة البيت المطل على شارع يمر منه الأحبة كل مساء.. وداعا سوسن جلال.
أكسم طلاع