كورونا “القنبلة الموقوتة” في غزة
سمر سامي السمارة
في الوقت الذي يتعامل فيه العاملون في مجال الرعاية الصحية في غزة، مع تداعيات القصف الإسرائيلي الذي استمر 11 يوماً، أعرب مسؤولو الصحة يوم السبت الفائت عن مخاوفهم من آثار الوجود الكبير لآلاف الفلسطينيين في الملاجئ بحثاً عن الأمان من الغارات الجوية المكثفة، وخاصة مع ازدياد عدد حالات المصابين بفيروس كورونا في المنطقة المحاصرة.
أصيب أكثر من 1900 فلسطيني جراء الهجمات الإسرائيلية، ما أدى إلى اكتظاظ المشافي بالمصابين من كافة الأعمار، واضطرار المسؤولين لإخلاء عنابر الرعاية الحرجة من مرضى كوفيد-19 لإفساح المجال لهم.
وبحسب صحيفة “واشنطن بوست” لجأ نحو 70 ألف فلسطيني في غزة إلى المدارس والملاجئ تحت الأرض والمراكز المجتمعية وغيرها من المواقع بعد قصف القوات الإسرائيلية للمناطق السكنية والمنازل، كما احتشد آلاف الأشخاص في منازل أقاربهم.
وقال الدكتور شادي عوض، رئيس قسم الرعاية التنفسية في مستشفى الشفاء، للصحيفة “توقف الناس عن التباعد الاجتماعي فلم يكن لديهم خيار”.
كما ذكر موقع” كومن دريمز” الأسبوع الماضي، أن “إسرائيل” قصفت منشأة اختبار فيروس كورونا الوحيدة في غزة، وكان الدكتور أيمن أبو العوف، الذي يشرف على معالجة حالات الإصابة بالفيروس في المنطقة، واحداً من 248 فلسطينياً ممن تمّ استهدافهم.
كما قال مسؤولو الصحة للصحيفة إن فقدان مختبر التحليل سيؤدي إلى عدم معرفة المصابين بالفيروس التاجي الذين لا تظهر عليهم أعراضه، في مكان تمّ فيه تطعيم أقل من 2٪ من السكان، مقارنة بأكثر من 56٪ من الإسرائيليين.
هذا وقد ثبت إصابة 40 شخصاً من أصل الـ50 الذين أجرت لهم مستشفى الشفاء اختبارات فيروس كورونا، ما أدى إلى ملء أسرّة العناية المركزة بالكامل.
وقال الكاتب والمحلّل السياسي الفلسطيني الأمريكي يوسف منير الأسبوع الماضي عبر تغريدة له: من المرجّح أن ينتشر “كابوس” الصحة العامة في غزة بمجرد توقف القصف.
من الجدير بالذكر، أن الفرصة كانت سانحة لانتشار المرض بسرعة بسبب اكتظاظ المستشفيات والملاجئ، كما تمّ قطع إمدادات المياه بنسبة 40٪ في غزة، ما أدى إلى مخاوف تتعلق بالصرف الصحي.
وقد طلبت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” يوم الجمعة الفائت 38 مليون دولار لتمويل الإغاثة من الغذاء والمياه والاحتياجات الصحية والنظافة الصحية ومرافق الصرف الصحي. وقالت الوكالة: “على الرغم من استعداد موظفي الأونروا ومنشآت الأونروا لتوفير المأوى في حالات النزاع، إلا أنها تتصدّى الآن للظروف غير المسبوقة لوباء كوفيد-19 والتي تتطلّب اتخاذ إجراءات إضافية”.
وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر للصحيفة، إنها كانت ترسل إمدادات طبية بما في ذلك أجهزة مراقبة وأجهزة تنظيم ضربات القلب وجهاز تنفس ميكانيكي إلى غزة، بينما يخطّط برنامج لقاح “كوفاكس” التابع لمنظمة الصحة العالمية لتسليم شحنة من جرعات لقاح فيروس كورونا للمنطقة. ومع ذلك، فإن الحصار الإسرائيلي سيجعل من الصعوبة بمكان وصول المعدات والجرعات بسرعة إلى المستشفيات المكتظة.
وقالت الأونروا إن الزيادة في حالات الإصابة بفيروس كوفيد-19 سوف تشلّ قدرة غزة بالفعل على التعافي من القصف الإسرائيلي الأخير. وأضافت المتحدثة باسم الأونروا تمارا الرفاعي في بيان لها: “في كل مرة يحدث صراع في غزة، تستهدف قوات الاحتلال الإسرائيلي البنية التحتية الأساسية والمنازل والمستشفيات والمصانع بغارات مكثفة، مما يتطلّب من الأونروا ووكالات الإغاثة عدة سنوات لإعادة تأهيل مبانيها، ومع ذلك تبقى العديد من منازل وسبل عيش سكان غزة على حالها بسبب الدمار”.