الكرملين: الناتو لا يجلب أي استقرار إلى أوروبا
رجّح الكرملين وقوف الولايات المتحدة وراء واقعة خرق المدمّرة ديفيندر البريطانية الحدود البحرية لروسيا في البحر الأسود، متعهّداً بالرد الصارم على أي حوادث جديدة من هذا القبيل.
وجدّد المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف، في حوار إعلامي اليوم، وصفَ حادثة خرق المدمّرة البريطانية التي وقعت الأسبوع الماضي في البحر الأسود قبالة سواحل شبه جزيرة القرم بأنها “كانت استفزازاً متعمّداً مخططاً له مسبقاً” وعلى نحو جدي بهدف اكتشاف نقاط الضعف في أنظمة الرد والمراقبة الحدودية للدولة الروسية.
وأشار بيسكوف إلى تورّط الولايات المتحدة في الحادثة، قائلاً: أعتقد أن استخباراتنا تعرف بطبيعة الحال من تبنّى هذا القرار، ولكن وضع خطط بشأن مضمون مثل هذه العمليات يجري حسب اعتقادي على أيدي الزملاء الكبار وراء المحيط.
وحول إمكان تكرار مثل هذه الحوادث، شدّد بيسكوف على أن ردّ روسيا سيكون صارماً بطبيعة الحال، مشيراً إلى مضمون تصريحات بخصوص الموضوع على لسان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مفادها أن طائرة استطلاع استراتيجية أمريكية كانت تحلق في أجواء المنطقة لحظة وقوع الحادثة بهدف الكشف عن كيفية ردّ القوات الروسية عليها، وأن الجانب الروسي أتاح لها رصد المعلومات التي اعتبرها مناسبة.
وكانت قوات للجيش الروسي أطلقت الأسبوع الماضي طلقات تحذيرية باتجاه المدمّرة البريطانية بعد أن خرقت حدود الدولة قبالة القرم.
وأعرب المتحدث باسم الرئاسة الروسية عن اهتمام موسكو بالحوار مع حلف الناتو، وقال: “كانت ولا تزال روسيا دائماً مهتمة بتطوير علاقات بناءة مع الناتو. يمكن ويجب التحدّث حتى مع حلف شمال الأطلسي لأن الحوار هو السبيل الوحيد لإبلاغ الجانب الآخر بمباعث قلقك”، وفي الوقت نفسه، شدد على أن الناتو لا يجلب أي استقرار إلى أوروبا بل إنه عامل لزعزعة الاستقرار.
وأوضح أن الناتو أنشئ كحلف عسكري يكمن هدفه في خوض مواجهة، مضيفاً: “ليس بإمكان بندقية كلاشنيكوف أن يكون أي شيء سوى بندقية كلاشنيكوف، والأمر كذلك فيما يخص الناتو”. ولفت إلى أن المساعي الرامية إلى استئناف الحوار بين روسيا والناتو تواجه حالياً محاولات لفرض أجندة محددة على موسكو، مؤكداً أن هذا الأمر يجعل مثل هذا الحوار مستحيلاً في الظروف الحالية.
كما أكد المتحدث باسم الكرملين ضرورة الحوار بين روسيا والاتحاد الأوروبي، لافتاً إلى أن جهود ألمانيا وفرنسا الرامية إلى تبني نبرة جديدة إزاء موسكو، تواجه عدم رغبة أعضاء آخرين داخل التكتل في تطبيع العلاقات معها. وحمل “الدول حديثة العضوية” في الاتحاد الأوروبي المسؤولية عن هذا الأمر، مشيراً إلى أن دول البلطيق خاصة تستضيف في أراضيها مقاتلات أمريكية وتفعل كل ما بوسعها لجلب قوات أجنبية إلى أراضيها كي تنتشر على مقربة مباشرة من الحدود الروسية، ما يزيد من حدة التوترات في المنطقة.
للامتناع عن مناقشة “سيناريوهات يوم القيامة”
ودعا المتحدث باسم الكرملين إلى الامتناع عن الحديث عن “سيناريوهات يوم القيامة” رغم التوتر بين روسيا وخصومها على الصعيد الدولي، وقال: إن أوكرانيا تدبر استفزازات بهدف تأجيج الوضع في المنطقة، واصفا ذلك بأنه “أمر واقع مؤسف وظرف نضطر للعيش فيه”.
وأشار إلى أن الرئيس الروسي يتبنى قرارات تظهر بوضوح عزم موسكو على الدفاع عن مصالحها، من خلال إجراء مناورات وتدريبات عسكرية داخل أراضي البلاد، مضيفا أن هذه القرارات لا تبقى دون اهتمام خصوم روسيا الدوليين. وتابع: “في هذا الصدد، يجب ألا يشكك أحد في حزم روسيا والرئيس بوتين، غير أنني أقترح الامتناع عن الحديث عن سيناريوهات يوم القيامة على غرار أزمة الكاريبي (عام 1962) وغيرها، لأن حزم روسيا يبدو واضحاً أكثر فأكثر لخصومنا”. وشدد على أنه لا تراود روسيا أي أوهام، وتدرك تماماً أن خصومها لن يتخلوا أبداً عن محاولات ردعها.
وفي سياق متصل، قال المحلل السياسي الروسي ليونيد سوكياني: إن “أولويات الأمن القومي الروسي تكمن في حماية المصالح الاقتصادية والقومية والاستراتيجية لروسيا الاتحادية”. وقال في حديث إذاعي: “لم تتغيّر استراتيجية الأمن القومي الروسي، لكن طرأت عليها بعض التعديلات التي تعكس التطورات الأخيرة في العالم والتطورات على المستوى الاقتصادي والسياسي والعسكري”.
جاء ذلك في معرض تعليقه على تصديق الرئيس الروسي على استراتيجية الأمن الوطني الجديدة لروسيا أمس التي اعتبرت مناورات حلف الناتو التي تتضمّن إمكانية استخدام السلاح النووي بأنها تزيد الخطر العسكري على روسيا.
وأشار الخبير الروسي إلى أن الأولوية تكمن في حماية مصالح روسيا في كل الاتجاهات بما في ذلك المشاريع العسكرية التي ينفذها حلف الناتو وعلى وجه الخصوص الولايات المتحدة الأمريكية.
وعن إضافة الأمن السيبراني إلى قائمة الأولويات القومية الاستراتيجية للدولة الروسية، أكد أهمية هذا المجال في المواجهة والمنافسة بين الدول في الآونة الأخيرة إلى جانب الأنواع التقليدية للمواجهة لحماية المصالح الاستراتيجية لروسيا.
وكان الرئيس الروسي صدّق السبت على استراتيجية الأمن القومي الجديدة للدولة الروسية.