بايدن يحاكي ترامب في سياسته تجاه الصين
عائدة أسعد
قالت نائبة وزير الخارجية الأمريكية ويندي شيرمان خلال اجتماعها مع كبار المسؤولين الصينيين في تيانجين مؤخراً “إن الولايات المتحدة ترحب بالمنافسة الشديدة بين البلدين لكنها لا تسعى إلى صراع مع الصين”. وفي محطته الأولى في سنغافورة، يوم الثلاثاء الماضي، قال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن أيضاً “إن الولايات المتحدة ملتزمة بالسعي إلى إقامة علاقة بنّاءة ومستقرة مع الصين”. وتعتبر تلك التصريحات رسائل إيجابية إلى حدّ كبير كونها لم تسمع خلال الأشهر الستة الأولى من إدارة جو بايدن، فهل تتوافق أفعال إدارة بايدن مع تلك الأقوال؟.
حتى الآن، لم يحدث ذلك، بل تواصل إدارة بايدن تصعيد سياسات إدارة دونالد ترامب العدائية والمدمّرة ضد الصين، سواء في التجارة أو الاستثمار أو التكنولوجيا أو التبادلات بين الناس أو القضايا العالمية. ورغم أن العديد من مسؤولي الإدارة الأمريكية الحاليين، بمن في ذلك بايدن نفسه ووزير الخارجية أنتوني بلينكين وشيرمان خدموا في إدارة باراك أوباما، لكن سياساتهم تجاه الصين تحاكي إدارة ترامب وليس أوباما.
لقد تمكّنت الصين والولايات المتحدة -رغم الاختلافات الجادة خلال السنوات الثماني لرئاسة أوباما- من العمل معاً لمواجهة التحديات العالمية مثل تغيّر المناخ، وتفشي فيروس إيبولا في إفريقيا، ومنع انتشار الأسلحة النووية.
كما توصلت الصين والولايات المتحدة إلى اتفاق تأشيرة لمدة 10 سنوات لتسهيل التبادلات الشعبية، ما أدى إلى زيادة كبيرة في عدد السياح الصينيين إلى الولايات المتحدة وأصبح تعلم اللغة الصينية بدعة بين المواطنين الأمريكيين. وكان هناك أكثر من 90 آلية حوار بين الحكومتين في ذلك الوقت ما يعكس سياسة المشاركة التي اتبعها كلّ رئيس أمريكي من ريتشارد نيكسون إلى أوباما.
لقد تعلّمت الصين والولايات المتحدة الكثير من بعضهما البعض خلال العقود الخمسة الماضية، لكن هذا لا يعني أنهما سيكونان كذلك في أي وقت قريب، وهناك من يقول إن توسيع التعاون والتبادلات بدلاً من محاولة عزل الآخر أو فصل الاقتصادين هو الوسيلة الأكثر فعالية لإدارة الخلافات الثنائية وتقليل احتمالات الصراع. وحتى حلفاء الولايات المتحدة من أوروبا وآسيا أوضحوا أنهم لا يريدون أن يضطروا لاختيار جانب بين الصين والولايات المتحدة على وجه الخصوص، وأنهم ضد محاولة واشنطن إشعال حرب باردة جديدة مع الصين.
لذلك يجب على بايدن كرئيس للولايات المتحدة إظهار الشجاعة لفعل ما هو مناسب للبلدين والعالم بدلاً من فعل ما يناسب سياسياً للانتخابات النصفية أو الرئاسية المقبلة ومواصلة لعبته في تقريع الصين، لأن العلاقات الصينية الأمريكية هي العلاقات الثنائية الأكثر أهمية في القرن الحادي والعشرين، وإذا لم تستطع الإدارة الأمريكية تصحيح الأمر فستكون له عواقب وخيمة على العالم تماماً مثل تغيّر المناخ، ولذلك ينبغي أن تؤدي المحادثات هذا الأسبوع إلى المزيد من المشاركات رفيعة المستوى لإدارة الخلافات الثنائية بفعالية وتوسيع التعاون وتجنّب الصراع.