إيطاليا تدخل على خط الأزمة الليبية.. وعينها على الاقتصاد
وصل وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو الاثنين إلى ليبيا في زيارة قالت الخارجية الإيطالية إن هدفها تشجيع الحوار بين الأطراف الليبية لضمان إجراء الانتخابات في 24 كانون الأول المقبل، لكن المتابعين يشيرون إلى أن ما بين سطورها تجاوز ذلك لملفات أشمل منها تواجد قوات الاحتلال التركي في ليبيا وتأثيراته على المصالح الإيطالية، بالإضافة إلى تطورات الوضع في الجارة تونس.
وبدأ دي مايو زيارته بالعاصمة طرابلس، حيث التقى رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي ورئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة. ومنها انتقل إلى بنغازي للقاء القائد العام للجيش الوطني الليبي الجنرال خليفة حفتر. ومن المقرر أن يلتقي في مدينة طبرق رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح.
والأسبوع الماضي، احتضنت العاصمة الإيطالية روما، مشاورات ليبية لبحث إعداد القاعدة الدستورية والأساس القانوني للانتخابات العامة، في اجتماع يعتبر بمثابة “الفرصة الأخيرة” لإنقاذ موعد الاستحقاق الانتخابي. ونقلت وكالة آكي الإيطالية عن مصادر في الخارجية الإيطالية أن زيارة رئيس الدبلوماسية الايطالية إلى ليبيا تأتي في إطار “مواصلة الحوار” مع الأطراف الليبية حول “عملية الاستقرار والانتقال المؤسسي التي تقودها الأمم المتحدة، والتي تدعمها إيطاليا بعزم”، فضلا عن “توسيع نطاق” الشراكة الثنائية بين البلدين وتعزيزها.
وأشارت في بيان إلى أن زيارة دي مايو تعكس “التطلع إلى التزام متجدد من قبل جميع الأطراف الليبية لإحراز تقدم ملموس تجاه بعض الأهداف الرئيسية، بما في ذلك إجراء الانتخابات، وتنفيذ وقف إطلاق النار، واعتماد الميزانية الموحدة والمصالحة الوطنية”، إضافة إلى “تعميق دراسة المبادرات العديدة الجارية لتعزيز وتوسيع نطاق الشراكة الثنائية” بين روما وطرابلس.
ونوهت الخارجية الايطالية بأن زيارة دي مايو إلى ليبيا هي “الخامسة منذ بداية العام الحالي، مما “يعكس حرص إيطاليا على تحقيق عملية الاستقرار في ليبيا”، والتي تقدمت “خطوة مهمة إلى الأمام مع إعادة فتح الطريق الساحلي سرت – مصراتة”، والذي أعلن عشية الزيارة.
وأفادت بأن اجتماعات وزير الخارجية خلال زيارته لليبيا ستركز على استعراض “الجهود المشتركة لإعادة إطلاق التعاون الاقتصادي بين البلدين في مختلف القطاعات (البنية التحتية، الطاقة والنقل) أيضاً في ضوء النتائج الإيجابية لمنتدى الأعمال الذي استضافه قصر فارنيزينا (مقر وزارة الخارجية) في 31 أيار الماضي بحضور رئيس الوزراء الدبيبة”. كما تتضمن أجندة الزيارة “مبادرات وآفاق التعاون في مجالات الهجرة والصحة والثقافة”.
لكن، يقول متابعون إن تحقيق كل هذا يحتاج إلى توافق كل الأطراف الليبية من جهة وإلى الاستقرار الذي يمكن أن تأتي به الانتخابات لو أجريت في موعدها المقرر يوم 24 كانون الأول المقبل، وأيضا إلى توافق مع الأطراف الخارجية المؤثرة في مركز صناعة القرار الليبي، وبكل خاص النظام التركي.
ويستشف المتابعون ذلك من خلال حضور ملف التواجد التركي خلال المفاوضات بين وزير الخارجية الإيطالي والمسؤولين الليبيين، ومنهم رئيس مجلس الدولة الليبي خالد المشري، الذي ألمح خلال لقائه بدي مايو في طرابلس لدعم بقاء قوات النظام التركي في ليبيا، زاعماً أنها “جاءت بشكل رسمي وبناء على اتفاقيات تعاون”.
وتنشط الدبلوماسية الإيطالية بشكل مكثف في ليبيا. ويعتبر لويجي دي مايو ليبيا محورا رئيسيا لإيطاليا باعتبار أنها مجال نفوذ طبيعي. وقد تبنى ذلك منذ أن كان رئيسا لحركة خمس نجوم المحسوبة على اليمين الإيطالي، حيث نادت الحركة بأن يكون لروما الصوت الأعلى فيما يجري في ليبيا باعتبار هذه الأخيرة نطاقاً حيوياً لمصالح روما الأمنية والاقتصادية، ومجابهة تهديدات الإرهاب والهجرة، بخلاف تشابك تلك المصالح مع علاقات إيطاليا بقوى إقليمية ودولية متنافسة على ليبيا، كما مصالح ليبيا مع دول الجوار الليبي وبشكل خاص تونس.
وتتابع إيطاليا بقلق ما يجري في تونس. ونقلت وكالة آكي عن سفير إيطالي سابق في تونس قوله “إن فقدان السيطرة على الأوضاع في تونس من شأنه أن يهدد الاستقرار في ليبيا”. وأعرب خبير معهد الدراسات السياسية الدولية (ISPI) السفير أرماندو سانغويني سانغويني عن أمله بأن “يدرك وزير الخارجية لويجي دي مايو هذا الوضع، وأن يكون قادراً على إثارة انتباه رئيس الوزراء (ماريو دراغي) نحو القضية، وبشكل خاص اهتمام بروكسل، لأن هذه الأمور كلها ملحة للغاية”.
ويلفت الخبراء إلى أن التواجد العسكري التركي في غرب ليبيا كما تواجد عناصر من المرتزقة على الحدود مع تونس قد يكون عنصر خطر على تونس وجب الانتباه له، من جهة الأمن التونسي كما من جهة حلفاء الأطراف الليبية، التي تؤكد أنها تمضي قدما نحو تطبيق بنود عملية السلام التي ترعاها الأمم المتحدة، والتي لا يمكن أن تتحقق بشكل كامل ومثالي وجارتها الحدودية تعيش وضعاً أمنياً غير مستقر.