اللجنة العليا للمستثمرين في المناطق الحرة تدعو لتعديل نظام الاستثمار وفك التشابكات القانونية
دمشق- كنانة علي
تشكّل المناطق الحرة منصة نهوض اقتصادي في العديد من دول العالم، ففي الوقت الذي تفتقر فيه بعض الدول إلى مقومات الصناعة والاستثمار، استطاعت تجاوز هذا النقص من خلال الاعتماد على المناطق الحرة وسيلة لإنعاش اقتصادها وازدهاره، وقد حققت بعض الدول نجاحات استثنائية في هذا المجال.
في سورية يتفق الجميع على أهمية المناطق الحرة، خاصة في حالة الحرب الاقتصادية والحصار والعقوبات، بالنظر إلى عراقة سورية في تأسيس المناطق الحرة على مستوى منطقة الشرق الأوسط، ما يعني بحث الصعوبات التي تواجه عملها، والانطلاق نحو رؤية متجددة لها.
في حديثنا مع فهد درويش رئيس اللجنة العليا للمستثمرين في المناطق الحرة بيّن أن المؤسسة العامة للمناطق الحرة واللجنة العليا للمستثمرين تتشاركان في العمل من أجل تحقيق هذا الهدف، وتعملان بالتعاون مع وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية، واللجنة الاقتصادية، وباقي الجهات ذات العلاقة، على بحث ما يمكن منه.
ويرى درويش أن البيئة التشريعية التي تحكم عمل الاستثمار في المناطق الحرة هي العائق الأساسي أمام النهوض بالمناطق الحرة، وتحتاج إلى تعديل، وبما أن الحكومة عملت على إصدار قانون جديد للاستثمار، فإنه من المنتظر أن تعمل على تعديل نظام الاستثمار في المناطق الحرة، ونحن في اللجنة والمؤسسة ندعوها إلى ذلك، ويضيف: لقد ناقشنا في اجتماع عمل جمع أعضاء اللجنة العليا للمستثمرين ولجان المستثمرين والمستثمرين مع إدارة المؤسسة العامة للمناطق الحرة، عدداً من الأفكار والتوصيات اللازمة لتطوير واقع الاستثمار والمنشآت الاستثمارية في المناطق الحرة، ووجدنا أن تعديل بعض قوانين البيئة التشريعية هو المدخل الأساسي، ولذلك نرى أهمية تعديل نظام الاستثمار في المناطق الحرة المصدق بالمرسوم 40 لعام 2003، أو إصدار نظام استثمار يساعد أكثر على إيجاد بيئة جاذبة للاستثمار في المناطق الحرة، ومنافسة للاستثمارات في المناطق الحرة في الدول المجاورة، كذلك لابد من فك التشابك في القوانين الذي ينعكس سلباً على عمل المناطق الحرة، وفي مقدمة ذلك إلغاء المادة 148 من قانون الجمارك التي تعامل المنتجات التي تطرحها منشآت المناطق الحرة في السوق المحلية على أنها مادة مستوردة، حتى لو اشتملت على مواد أولية محلية، أو مواد أولية مستوردة تم دفع رسومها الجمركية مسبقاً.
إن تطبيق هذه المادة يجعل منتجات المناطق الحرة واقعة تحت تأثير فرض رسوم جمركية عالية تتراوح بين 20% إلى 30%، ما يرفع كلفة المنتجات عند وضعها بالاستهلاك المحلي، ويجعلها غير قادرة على المنافسة محلياً، وبالتالي لا يساعد على الاستثمار الصناعي فيها.
ويتابع درويش: بما أن سورية تتعرّض لحرب اقتصادية، وتعاني من الحصار والعقوبات، فإن المنفذ إلى ردع الحرب وكسر الحصار والعقوبات هو الاعتماد أكثر على المناطق الحرة كونها مناطق لا تخضع أساساً للقانون المحلي، وتستطيع من خلال استقطاب الاستثمارات أن تسد حاجة سورية من كل المنتجات والسلع والخدمات بأسعار تنافسية.
ثمة صعوبة أخرى يشير إليها رئيس اللجنة العليا وهي أن أحد أهداف إقامة المناطق الحرة هو أن تكون مناطق تخزين وتوزيع للسلع والخدمات، وهي ميزة للمناطق الحرة بحكم الموقع الاستراتيجي في المنطقة، إلا أن واقع الحال هو عكس ذلك، حيث تسبب قرار وزارة النقل برفع رسوم الترانزيت 8% على شاحنات النقل السورية والعربية والأجنبية المحمّلة والفارغة عند عبور الأراضي السورية في عدم إقبال الموردين والمستثمرين على تخزين بضائعهم في المناطق الحرة، ما يستوجب العودة إلى العمل بالمرسوم رقم 25 لعام 2003.
ويرى أن تحويل المناطق الحرة السورية إلى منصة إعادة تصدير وتوزيع للبضائع الأجنبية إلى الدول المجاورة يتطلب إلغاء قرار منع الشركات الوطنية السورية والشركات الأجنبية من الإدخال المؤقت لبضائعها الأجنبية إلى المناطق الحرة، الصادر بموجب كتاب وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية رقم 6553/3100/10 تاريخ 11/9/2017، وهو أمر يجعل سورية منصة توزيع وتصدير، ويشجع الشركات الأجنبية على معاودة الاستثمار في المناطق الحرة السورية.
ويختم رئيس اللجنة العليا للمستثمرين في المناطق حديثه بأن المؤسسة واللجنة تواصلان بذل الجهد لتعديل البيئة التشريعية، خصوصاً أن التحول نحو المناطق الحرة التخصصية أصبح التحدي الآن، مبيّناً أن ذلك سيساعد على تفعيل النشاط الصناعي، وتشجيع صناعة المواد الأولية المتممة للصناعات المختلفة لتقليص استيرادها، وتقديم التسهيلات لإقامة صناعات الطاقة البديلة والصناعات التكنولوجية والالكترونية والكيماوية والدوائية والنسيجية والتجميعية والتحويلية.