اقتصادصحيفة البعث

لمن يسعى لتحويل “الذكية” إلى “غبية”..؟

قسيم دحدل

أن نكون جميعاً مواطنين في نظر القانون والدستور والبطاقة الذكية، حتى وإن اختلفت مسمياتنا ومناصبنا ومراكزنا، أي كلنا سواسية فيما يُطبَّق علينا، معناه أن على “كلنا” الخضوع للإجراءات نفسها للحصول على المخصّصات المقوننة والمدعومة، ودون الاستعانة بصديق، سواء أكان هذا الصديق (سيارة فارهة أو سيارة دبل كبين أو سوزوكي.. إلخ)، وأن نجلب مستحقاتنا المقوننة بأيدينا لا بأيدي أحد من الجيران أو الأقارب، أو ممن يعمل لدينا كالحاجب أو المرافق أو السائق، ومن حرِّ مالنا وخزائننا.. دعكم مما تقدم، فما سقناه هو من باب “الطوباوية” لا أكثر، حيث يُعرَّف الرجل الطوباوي: بأنه ذاك الذي يُحلِّقُ بعيداً ويُنْشئ مُثُلاً ويسعَى إلى تحقيقها وهي بعِيدة عن الواقع.

صديقتنا البطاقة الذكية، “الذكية”، ونقولها صدقاً لا تهكماً، إنَّ ما يعيبك حقيقة وأنت لست بالطبع المسؤولة عن ذلك، بل المسؤول هو الذي يُلقِّمك المعلومات والمعطيات والبيانات، أننا عاتبون عليك كثيراً، ونسألك الرفق بحال من لا حَيلَ وحيلة له، آملين حين ترسلين رسالتك للمواطن المغلوب على أمره بغية استلام مخصّصه من مادة المازوت، أن تكون الرسالة قبل وقت كافٍ، كي لا يضطر لترك عمله أو وظيفته ويهرع بسيارة أجرة تكلفه أكثر أو أقل من 5% من راتبه الشهري، للحصول على مقننه في الوقت المُحدّد، هذا أولاً..!، وألا تبتعدي بمكان الموعد مع الصهريج المخصّص لتوزيع المقننات أكثر من نصف كلم، لا ثلاثة كيلومترات وهذا ثانياً!!.

فمن نكد الحياة أن يقطن عدد ممن وصلتهم رسائلك، بجانب “الكازية”، الذي يملأ المُوزِّع منها مخصّصاته، ليأخذها بعيداً عنها وعنهم، ويقوم بتسليمها لهم هناك على بعد ثلاثة كيلومترات، بطريقة: “إن لم تلحقوني طارت المونة”..!؟. لأن هذا يعني دفع 5% أخرى أجرة تكسي..، ناهيك عن وجود مسنين لا معيل لهم ولا يستطيعون المشي لتلك المسافة، والمزاحمة!.

صديقتنا نرجو منك أو ممن يمثلك في المتابعة والرقابة، ألا تسمحي للموزّع أن يُجمِّع رسائلك اليومية أكثر من يوم، ليوزع عن يومين ما يجب توزيعه في يوم، فيخلق بذلك طوابير من المواطنين، وتكونين سبباً في عودة ما وجِدْتِ من أجله وهو إنهاء معاناة الازدحام وما يرافق ذلك من فوضى ورشوة، مشهد مستفز جداً!!.

صديقتنا الذكية، نرجو ألاَّ تسمحي لأحد التلاعب بك، وأن تكون رسائلك وفقاً لنظام الدور وأقدمية التسجيل، إذ لا يعقل أن يسجّل اليوم أحد الإخوة المواطنين على المادة، لتأتيه رسالتك بعد أربعة أو خمسة أيام، بينما من سجَّل من شهور عديدة لا يزال ينتظر؟!!.

وبطريقك أيتها الذكية، حبذا لو تخبرين الرقيب الحسيب، أن خلط مادة المازوت بالزيت المحروق يجري على قدم وساق، وهذا وفقاً لقانون حماية المستهلك يندرج في خانة الغش والتدليس على ما نعتقد، وعليه إن كان بالإمكان ترفيق كل صهريج بمراقب تمويني، ليكون حاضراً على ما يحدث، ولا أحد يكترث حتى المغشوش، لأنكِ جعلت همّ هموم المواطن الحصول على مقنن التدفئة، دون التنبّه لما تعبّأ به (بيدوناته)، ولأنكِ وبكل أسف أعدتِ مشاهد المعاناة من (تطحيش وتدفيش وصراخ ومشاجرات)، مشاهد يندى لها الجبين فعلاً!!.

أما بالنسبة لـما تُسمّى “إكرامية” وتصل إلى أكثر من ألفي ليرة، والتي يُطالب الموزع المواطنين بها بكل صلف وتنمر (بلغ بأحد الموزعين أن يرمي البطاقة بوجه صاحبها لأن الأخير رفض إعطاءه ألفي ليرة.. وقال له: روح بلط البحر، وامتنع عن التعبئة للمواطن)، فيجب أن يُوضع حدّ لذلك، ولا يمكن أن يتمّ هذا إلاَّ بوجود مراقب، إذ وبعد هذه المأساة في زيادة السعر وتخفيض الكمية وطريقة الحصول عليها، سقطت أية قدرة على العطاء، وخاصة في ظل التلاعب في كمية المخصّص التي يحصل عليها المواطن رغم تفاهتها، وهذا واقع يبدو أنه مستعصٍ على الحل.

ثم ما ذنب المواطن إذا كان الموزِّع (يُكارم) مراكز التعبئة، بغية التعجيل في تزويده بالمخصّص من المادة، ليفرض عليه دفع إكرامية؟!!.

بطاقتنا الذكية أرجو أن يتسع صدرك، وألاَّ تسمحي لمن يحاول جاهداً تحويلك لغبية!، وتفضلي بقبول فائق الذكاء. فنحن مواطنون ولسنا مسؤولين!.

Qassim1965@gmail.com