صحيفة البعثمحليات

الحل بإرث الجدات

إذا كانت الحاجة أم الاختراع ففي إرث الجدات تكمن وتختبئ الكثير من الحلول البسيطة لمشكلاتنا الاقتصادية المتعثرة، وتوفير مداخيل لا يستهان بها، لأن في هذا الإرث وصفات سحرية وفرت الأمن الغذائي للأسر السورية في مراحل حياتية وتاريخية مهمة من خلال تفنن الجدات في تحويل منتجاتنا الزراعية والنباتية والحيوانية إلى صناعات غذائية بسيطة يمكن تخزينها لغير أوانها لفترات طويلة بأبسط التكاليف وأقل الجهود وأفضل المواصفات بعيداً عن المواد الحافظة والملونات والمنكهات، ما أتاح الحصول على السلع المصنعة الغذائية والنباتية والحيوانية، ومشتقات الألبان والأجبان خارج أوانها وبكامل مذاقها الطيب، فاستحوذت على ثقة وتفضيل ورغبة المستهلكين.

إذاً نحن بكل بساطة أمام صناعة تراثية حصرية المنشأ تعبّر عن هويتنا وإرثنا الشعبي الذي يرتقي ليكون كنزاً علينا المحافظة عليه ونقله وتسليم مفاتيحه وأسراره للأجيال، واستثماره وتوظيفه بإقامة الورشات التدريبية والندوات التعريفية التي تعنى بهذا النوع من التراث، وتوسيع شريحة المستهدفين، وتوفير الدعم المادي بتيسير القروض المصرفية الصغيرة والمتوسطة، وتقديم الإعفاءات والمحفزات والمزايا، وتوفير الوسائل والأدوات التقنية بأسعار تشجيعية، والإكثار من إنشاء الجمعيات التعاونية المتخصصة التي تتيح تنفيذ مشروعات صغيرة، وتقدم المشورة والخبرة، وتؤمن سوقاً تسويقية لمنتجاتها بيسر وسهولة وفق صيغ عصرية متطورة، وإبرام العقود المسبقة مع المنتجين.

إن نجاح العمل بهذا الاتجاه سيؤمن مردوداً للمنتجين، وتشكيلة سلعية رخيصة طبيعية نظيفة ترضي المستهلك الباحث عن “المنتج البلدي” الذي يفضله، ويسهم بتصنيع منتجاتنا الفائضة، لاسيما في ظل ظروفنا القاسية، وهذا لن يكون إلا بتثوير التصنيع الزراعي الأسري الريفي على وجه التحديد يستفيد من إرث الجدات الواسع في هذا المضمار ضمن مشروع وطني متكامل مدروس.

 

وائل علي