معركة من نوع آخر.. ما الذي يحدث للدماغ عند تقليل استهلاك السكر؟
مع زيادة شعبية الحميات الغذائية منخفضة الكربوهيدرات والوعي بشأن مخاطر السكر خلال العقد الأخير، يبدو أن استهلاك السكر تراجع في بعض الدول، لكن دون أن يخلو الأمر من آثار جانبية سلبية عند محاولة تناول كميات أقل من السكر، رغم الفوائد الصحية الواضحة التي تشمل فقدان الوزن وتحسين صحة الأسنان.
أعراض تقليل استهلاك السكر
وتشمل تلك الأعراض الصداع، والإرهاق، والتقلبات المزاجية التي تكون مؤقتةً عادةً.
والسبب في تلك الآثار الجانبية ليس مفهوماً حتى الآن بشكلٍ كامل، ولكن المرجح هو أن تلك الأعراض ترتبط بطريقة تفاعل الدماغ عند تعرضه لأطعمةٍ سكرية – ومفهوم “المكافأة” البيولوجية.
تأتي الكربوهيدرات في العديد من الأشكال – مثل السكر في العديد من الأطعمة والفركتوز في الفواكه واللاكتوز في الحليب، إلى جانب السكروز (سكر المائدة) الذي يضاف إلى مختلف الأطعمة لجعل مذاقها مقبولاً أكثر.
وبعيداً عن الطعم المُحسّن، فإن للسكر تأثيرات بيولوجية كبيرة على الدماغ. وهذه التأثيرات كبيرةٌ لدرجة أنّها أثارت نقاشاً حول إمكانية “إدمان” السكر.
كيف يعمل السكر داخل الدماغ؟
يعمل السكر على تنشيط مستقبلات الطعم الحلو في الفم، مما يؤدي في النهاية إلى إفراز مادة تُدعى الدوبامين في الدماغ.
والدوبامين هو ناقلٌ عصبي ينقل الرسائل بين الأعصاب في الدماغ، وحين نواجه محفزات تُعتبر مكافأة؛ يستجيب الدماغ بإفراز الدوبامين.
وتتجلّى آثار المكافأة الخاصة بالدوبامين داخل جزء الدماغ المسؤول عن المتعة والمكافأة.
وهذه المكافأة تحكم سلوكنا – مما يعني أنّنا نميل إلى تكرار نفس السلوكيات التي تتسبّب في تحرير الدوبامين. لذا يمكن للدوبامين أن يدفعنا للبحث عن طعامٍ بعينه، مثل المأكولات السريعة.
وقد أظهرت التجارب على البشر والحيوانات إلى أي مدى يبرع السكر في تنشيط مسارات المكافأة داخل الدماغ؛ إذ إنّ الحلاوة الشديدة تتفوّق حتى على الكوكايين من ناحية إثارة نظام المكافأة الداخلي.
ويمكن للسكر تنشيط مسارات المكافأة تلك داخل الدماغ سواءً عند تناوله عبر الفم أو عند حقنه في مجرى الدم، بحسب ما أظهرته الدراسات على الفئران، مما يعني أنّ آثاره ليست لها علاقةٌ بطعمه الحلو.
مراحل تقليل استهلاك السكر
مرحلة أعراض انسحاب السكر
وبسبب هذا التأثير، دوَّن العلماء الأعراض الجسدية والعقلية خلال مرحلة “انسحاب السكر”، نذكر منها الاكتئاب والقلق والضبابية واشتهاء الطعام والصداع والإرهاق والدوار.
وتعكس جميع هذه المشاعر أنّ التخلي عن السكر يمنح شعوراً غير مستحب، على الناحيتين العقلية والجسدية، وبالتالي يزيد ذلك صعوبة الالتزام بهذا التغيير في النظام الغذائي.
وكما هو الحال مع أي تغيير في النظام الغذائي، فإنّ الالتزام بالنظام هو أهم عوامل نجاحه.
كيف يتفاعل الجسم بعد تقليل استهلاك السكر؟
بعد ساعة من التوقف
بعد ساعة من الامتناع عن تناول السكر، تشعر بتحسُّن وينبغي حينئذٍ أن تشعر بالحيوية وأن تكون أكثر إنتاجية. ستكون أقل عُرضةً للشعور بالرغبة في تناول الحلويات أو الوجبات الخفيفة المحلاة.
بعد يومٍ من التوقف
إنَّ “تناول السكريات يحد من رغبتنا – وقدرتنا على – تناول الأطعمة الغنية بالمغذيات، بما في ذلك الدهون الصحية والبروتينات والكثير من الألياف، التي تبقينا في صحة ونشاط وإنتاجية”.
لذا فبعد قضاء يومٍ كامل بدون سكر، نأمل أن تكون أدرجت الكثير من تلك البدائل الصحية في نظامك الغذائي.
وبعدما تتوقف عن السكر وتتناول كميةً أكبر من الخضراوات والبروتين الخالي من الدهون، سوف يستقر مستوى السكر في دمك، وتهدأ تقلباتك المزاجية، وتقل نوبات رغبتك الشديدة في تناول السكريات.
بعد 3 أيام من التوقف
هنا تبدأ الأمور في اتخاذ منعطف غير سار؛ فتناول السكر يُعَد إدماناً رغم كل شيء، ولا يمكنك التخلص من معظم الإدمانات دون التعرض لأعراض الانسحاب.
لذا بعد بضعة أيام من التوقف، قد تشعر بالحنين الشديد إلى تناول السكر، والقلق، وحتى الاكتئاب في الحالات الأخطر.
وغالباً ما تتلاشى هذه الآثار بعد الأسبوع الأول، لكنَّها قد تستمر أسبوعاً أو أسبوعين إضافيين، حسب مستوى إدمان السكر في الجسم.
بعد أسبوعٍ من التوقف
يمكن أن يحدث شيءٌ من اثنين لجسمك:
فإذا كان نمط حياتك السابق مليئاً بالأطعمة المصنعة والعصائر والمشروبات الغازية والحلويات، ستكون ما زلت في وضع التخلص من السموم.
أمَّا إذا كانت كمية السكر التي كنت تتناولها معتدلةً (وإذا كنت تلتزم بنظام غذائي يحتوي على البروتين والألياف والدهون الصحية)، فمن المُرجَّح أن تبدأ في الإحساس بشعورٍ جيد للغاية.
بعد شهرٍ من التوقف
بعد شهرٍ واحد من الامتناع عن تناول السكر، ستتعافى تماماً. وتختفي رغبتك في الحلوى، وستجد نفسك تشتهي البروتين والخضراوات الورقية بشدة.
وأخيراً، بعد عامٍ من التوقف
حالما تلتزم بحياةٍ خالية من السكر عاماً كاملاً، ستكون صحتك قد تحسنت على الأرجح. وسيعتاد جسمك تأدية وظائفه بحصوله على العناصر الغذائية الأساسية، ولأنه لم يعد يحتوي على سكر يُخزِّنه في صورة دهون، فمن المحتمل أن يقل وزنك.
لذا، لا بد من التنويه إلى أن إخراج السكر من نظامك الغذائي على المدى الطويل، يعني ضرورة اجتياز الأسابيع الصعبة الأولى بنجاح، ومن المهم أن نعترف أيضاً بأنّ السكر ليس “سيئاً” في حد ذاته- بل يجب تناوله باعتدال.