صحيفة البعثمحافظات

حرائق “فعل فاعل” تستنزف حراجنا وزراعتنا مجدداً في اللاذقية

اللاذقية- مروان حويجة

لم يعد محتملاً تفاقم النزيف الحاصل في غطائنا الأخضر بشقيه النباتي والحراجي وتدهور الأراضي الزراعية جراء نشوب الحرائق التي عادت مجدداً لتضرب مساحات واسعة من ريف اللاذقية، وهذا ما شهدته المحافظة خلال الأيام الثلاثة الماضية التي حملت حرائق خطرة استنزفت الكثير من الطاقات والإمكانات لإخمادها وتطويقها والسيطرة عليها، كما تسبّبت بخسائر كبيرة في مزروعات ومحاصيل المزارعين التي التهمتها النيران، فحريق واحد تطلّب إخماده زجّ عشرات فرق وآليات الإطفاء من عدة جهات.

يقول المهندس باسم دوبا رئيس دائرة الحراج في مديرية زراعة اللاذقية إنه تمّ إرسال تعزيزات من آليات إطفاء وصهاريج تغذية من الدفاع المدني وفوج إطفاء اللاذقية ودائرة الحراج وآليات من فرع سد برادون إلى مواقع النيران المشتعلة في أحراج رويسة حبيب وتوزيعها بالتنسيق مع دائرة الحراج في مديرية الزراعة لتطويق النيران، وأن أكثر من عشرين آلية تعاملت مع الحريق المشتعل في رويسة حبيب مع فرق إطفاء بينها آليات تركس وبلدوزر. وبيّن دوبا أن فرق الإطفاء واجهت صعوبة نتيجة وجود جروف صخرية مرتفعة تعيق حركة الآليات وحتى الأفراد، إضافة إلى انفجار بعض الألغام والقذائف غير المتفجرة من مخلفات الإرهابيين وتمّ شق طرقات بالبلدورزات إليها لتأمين وصول آليات الإطفاء والتعامل معها.

ما ذكره المهندس دوبا يتناول حريقاً واحداً من أصل مجموعة حرائق مماثلة، ولذلك من المؤسف جداً أن يكون نشوب النسبة الأكبر من هذه الحرائق بفعل فاعل، سواء عن قصد أم غير قصد لأن النتيجة واحدة ودائماً تؤخذ الأمور بنتائجها.

أما الأمر المؤسف أكثر أن يتجاهل الفاعلون كلّ التحذيرات والتنبيهات والتعليمات التي صدرت وتصدر يومياً عن خطورة التحريق الزراعي العشوائي لبقايا المحاصيل ضاربين عرض الحائط بكل التحذيرات بشكل صارخ وغير مسؤول!. لقد سمعناها كثيراً خلال الأيام الماضية من عدد من المزارعين أن ما أصابهم من خسائر وأضرار جاء من حرق لبقايا محاصيل وتقليم من مزارعين مجاورين لهم فكانت الشرارة الأولى لاندلاع الحريق، ولذلك تتعالى أصوات المزارعين وعموم القاطنين والسكان المجاورين للغابات والحراج بضرورة محاسبة وملاحقة الفاعلين والمتسبّبين بالحرائق لأننا دخلنا ذروة موسم الحرائق مع دخول شهر تشرين الأول الذي يعدّ أخطر أشهر العام في الحرائق لأسباب كثيرة مناخية وطبيعية، كما حصل في الحريق الضخم في رويسة حبيب وما استتبعه من إلقاء القبض على المتسبّب بنشوب الحريق الكبير من قبل شرطة ناحية كنسبا بعد أن أشعل النار في أرضه للتخلّص من الأعشاب ما أدى إلى نشوب الحريق. وهذا الإجراء القانوني الصارم يمكن أن يكون الرادع الوحيد الذي يكبح جماح العبث بالنار من المستهترين بها، وقد لاحظنا ارتياح عامة الناس عند الإعلان عن القبض على الفاعل، لأن الجميع في توق حقيقي للتخلّص من أخطر مسبّبات الحرائق وأكثرها شيوعاً وانفلاتاً، ولننتهي كلياً ونهائياً من متاهة السبب المجهول.

إن هذه الحرائق تدقّ ناقوس الخطر المحدق بثروتنا الحراجية، ولاسيما أن السنة الماضية حملت إلى حراجنا سوء الطالع جراء نشوب حرائق مدمرة فتكت بمساحات واسعة خسرناها بغطائها الأخضر وبمواردها الطبيعية وبمقوماتها البيئية وبعائداتها الاقتصادية، لأنها مصدر للمنتجات الخشبية وللتنوع الحيوي البيولوجي البالغ الأهمية في تشكيل البيئة الخصبة للأحياء التي تكون الغابات مقصدها وملاذها من حيوانات ونباتات وغيرها.