بوتين: مصالح موسكو وواشنطن في الأمن والطاقة والقضاء على التهرّب الضريبي متطابقة
أشاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعلاقاته مع نظيره الأمريكي جو بايدن، مرجّحاً إمكانية تطبيع العلاقات بين الدولتين بسبب تطابق مصالحهما بشأن المسائل ذات الأولوية القصوى.
وقال بوتين اليوم الأربعاء، خلال مشاركته في أعمال منتدى “أسبوع الطاقة الروسي”، ردّاً على سؤال عمّا إذا كان قد ناقش مع سيد البيت الأبيض مسألة أسعار النفط واتفاق “أوبك+”: “لا، لم نبحث معه هذه المسائل، لكننا لا نزال على تواصل مع الإدارة (الأمريكية)، وبشكل عام أعتقد أنه نشأت لدينا علاقات عملية مستدامة إلى حد كبير، مع الرئيس بايدن”.
وأشار بوتين إلى أن نائبة وزير الخارجية الأمريكي، فيكتوريا نولاند، الموجودة في موسكو الآن تبحث مع مسؤولين روس ترتيب اتصالات مستقبلية بين الرئيسين، واصفاً علاقات موسكو الحالية مع الإدارة الأمريكية بأنها “بنّاءة إلى حد كبير”.
وشدّد الرئيس الروسي على تطابق مصالح موسكو وواشنطن في مجالات الأمن واستقرار أسواق الطاقة والقضاء على الملاذات الضريبية، مرجّحاً أن هذه المصالح المشتركة ستؤدّي إلى إعادة تطبيع العلاقات بين الدولتين.
ولفت الرئيس الروسي إلى أن العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على قطاع الطاقة في روسيا أضرّت بالأمريكيين أنفسهم ولم تحقق أي نتيجة بل أفضت إلى نتيجة عكسية.
وأبدى بوتين أمله في أن “تتوقف النخبة السياسية الأمريكية عن إساءة استغلال مسألة العلاقات مع روسيا على حساب مصالح شركاتها”، مرجّحاً إمكانية تطبيع العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة تدريجياً، عندما “سيسود الإدراك في واشنطن أن التنافس مع روسيا لا جدوى منه”.
إلى ذلك، أكد المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف أن الاتصالات مع الولايات المتحدة على مختلف المستويات ضرورية وتمثل تطوّراً إيجابياً للعلاقات بين البلدين.
ونقلت وكالة سبوتنيك عن بيسكوف قوله اليوم: “هذه الاتصالات تتم استمراراً لـ(روح جنيف) والاتفاقات والتفاهمات التي توصل إليها رئيسا البلدين هناك.. بالطبع هذه ليست الاتصالات الأولى”، مضيفاً: “تمّت بالفعل عدة جولات من الاجتماعات حول قضايا الاستقرار الاستراتيجي وضبط التسلح”.
وأشار بيسكوف إلى وجود مشاورات حول قضايا الأمن السيبراني، مبيّناً أن كل شيء يتطوّر بشكل جيد إذا ما قورنت بالفترة التي سبقت جنيف حيث لم تكن هناك اتصالات على الإطلاق وهذا يمثل تطوّراً ايجابياً.
وفي السياق، أفاد نائب رئيس إدارة الكرملين، ديمتري كوزاك، بأن موسكو وواشنطن اتفقتا على مواصلة المشاورات حول تسوية الوضع في شرق أوكرانيا اعتماداً على الموقف المشترك من الوضع الخاص لدونباس.
وقال كوزاك للصحفيين بعد انتهاء لقائه مع نائبة وزير الخارجية الأمريكي للشؤون السياسية، فيكتوريا نولاند، اليوم الأربعاء، في موسكو: “تم خلال المفاوضات تأكيد الموقف الأمريكي الذي أعلنته واشنطن في جنيف ومفاده أن تحقيق أي تقدّم جدي في تسوية النزاع (في شرق أوكرانيا) دون الاتفاق على المعايير المستقبلية للحكم الذاتي أو – بعبارة أخرى- الوضع الخاص لدونباس كجزء من أوكرانيا أمر مستحيل”.
وأضاف: “مع الأخذ بعين الاعتبار هذا الموقف المبدئي اتفق الجانبان على مواصلة المشاورات المشتركة”.
وكانت نولاند، قد أكدت لدى خروجها من مقر الإدارة في وقت سابق اليوم، أن محادثاتها مع ممثلي إدارة الرئيس الروسي “كانت مثمرة جداً”.
وليس بعيداً عن العلاقات الروسية الأمريكية، أكد نيكولاي باتروشيف أمين مجلس الأمن القومي الروسي اليوم أن حلف شمال الأطلسي “ناتو” يطوّر بشكل مكثف إمكاناته السيبرانية الهجومية باستخدام التكنولوجيات الإلكترونية بما في ذلك الذكاء الاصطناعي.
ونقلت وكالة نوفوستي عن باتروشيف قوله خلال افتتاح الاجتماع السابع عشر لرؤساء هيئات الأمن وأجهزة استخبارات في بلدان رابطة الدول المستقلة: “تعمل دول ناتو بشكل مكثف على تطوير قدراتها المعلوماتية الهجومية بما في ذلك تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي وتنفيذ مفهوم الدفاع السيبراني الاستباقي وإنشاء تشكيلات تحالف متخصصة مصممة للقيام بعمليات هجومية عبر الانترنت”.
ولفت باتروشيف إلى أن مثل هذه النشاطات تتطلب من بلدان رابطة الدول المستقلة الاهتمام والمراقبة المستمرة وإبداء ردود الفعل المتناسبة في الوقت المطلوب.
في سياق آخر، حذّر مدير هيئة الاستخبارات الخارجية الروسية سيرغي ناريشكين اليوم من خطورة التهديد الإرهابي القادم من أفغانستان.
ونقلت وكالة تاس عن ناريشكين قوله للصحفيين: “الوضع في أفغانستان يبقى خطيراً.. والتهديد الإرهابي بعد سيطرة حركة طالبان المصنفة دولياً كمنظمة إرهابية على كامل أراضي البلاد لم ينتهِ بل ازداد سوءاً”، مضيفاً: “إن أجهزة الاستخبارات والعسكريين يتخذون خطوات احترازية لمواجهة مجموعة من التهديدات”.
واعتبر ناريشكين أن الأزمة الأفغانية والانسحاب الأمريكي من أفغانستان وضعا حدّاً لمرحلة قصيرة تاريخياً لعالم أحادي القطب واصفاً ذلك بـ”الأمر الجيد”.
وكان الكرملين قد أكد اليوم الأربعاء أهمية التدريبات التي ستجريها قوات منظمة معاهدة الأمن الجماعي قرب حدود أفغانستان.
وقال بيسكوف معلّقاً على تدريبات قوات الرد السريع التابعة للمنظمة التي ستجري خلال يومي 22 و23 تشرين الأول الجاري بالقرب من حدود أفغانستان: “إنها تدريبات ضرورية جداً”. وذكر بيسكوف أن رؤساء الدول الأعضاء في منظمة معاهدة الأمن الجماعي (روسيا، أرمينيا، طاجيكستان، قرغيزستان، كازاخستان، بيلاروس) أعربوا خلال آخر لقاء لهم عن قلقهم إزاء تطورات الوضع في أفغانستان. وأضاف: إن صعوبة التنبّؤ بتطوّر هذا الوضع يتطلب من المنظمة “التأهب والمضي قدماً في تحسين طرق وأساليب التعاون بين العسكريين”.
ومن المقرر أن تجري تدريبات “التنسيق 2021” للقوات المشتركة التابعة للمنظمة في ميادين طاجيكستان بالقرب من الحدود الأفغانية، وسيشارك في مراقبتها برلمانيون من الدول الأعضاء، حسبما أوردت الجمعية البرلمانية للمنظمة.
وفي شأن دولي آخر، أعلنت وزارة الصحة الروسية اليوم أن روسيا والاتحاد الأوروبي يعقدان سلسلة من المشاورات بين الخبراء للاتفاق على المعايير الأساسية للاعتراف المتبادل بشهادات التطعيم ضد فيروس كورونا.
ونقلت وكالة سبوتنيك عن الوزارة قولها في بيان: “قام الطرفان خلال اللقاءات بتحديد الخطوات المشتركة للاتفاق على المعايير القانونية والفنية الأساسية للاعتراف المتبادل بشهادات التطعيم”، موضحة أن العمل على هذا الاعتراف يهدف إلى إزالة العوائق أمام تنقل المواطنين الروس في الاتحاد الأوروبي والعكس.
ويخضع اللقاح الروسي (سبوتنيك في) منذ الـ4 من آذار الماضي لإجراء فحص تدريجي في وكالة الأدوية الأوروبية.
وسجّلت وزارة الصحة الروسية أول لقاح في العالم ضد كوفيد 19 في آب 2020 طوّره مركز غاماليا لأبحاث الأوبئة والأحياء الدقيقة ويجري إنتاجه بالاشتراك مع الصندوق الروسي للاستثمارات المباشرة تحت اسم (سبوتنيك في).
إلى ذلك، طالبت وزارة الخارجية الروسية اليوم كل وسائل الإعلام البريطانية بالاعتذار من مطوّري لقاح (سبوتنيك V) على خلفية نشرها أخباراً مفبركة حول قيام روسيا بـ”سرقة تركيبة لقاح ضد فيروس كورونا من شركة استرازينيكا”.
وقدّمت بعض وسائل الإعلام البريطانية اعتذارها أمس عن نشرها أخباراً مفبركة عن لقاح (سبوتنيك V) المضاد لكورونا تزعم فيها أن روسيا سرقت تركيبته من شركة أسترازينيكا البريطانية.
ونقل موقع روسيا اليوم عن المتحدثة باسم الوزارة ماريا زاخاروفا قولها: “أعتقد أن صحفيي صحيفة واحدة على الأقل (ديلي إكسبريس) لديهم ما يكفي من الحشمة والشعور بالضمير للاعتذار”، مضيفة: “إذا لم تصبح اللياقة المهنية القائمة على المعايير الصحفية أخيراً عبارة فارغة لوسائل الإعلام البريطانية فلا يزال لديهم فرصة للحفاظ على بعض التشابه في الشرف والاحترام لقرائهم والاعتذار لمطوّري اللقاح الروسي”.
ولفتت زاخاروفا إلى أنه لدى ظهور “الخبر الكاذب” فإن وزارة الخارجية الروسية لم تعلق عليه ولم تنشر تفنيداً بشأنه داعية صحف (ذا صن وإندبندنت وأدنبرة إيفنينغ نيوز وغيرها من وسائل الإعلام) لتقديم اعتذار.
وكان الصندوق الروسي للاستثمارات المباشرة رفض أمس الأول مزاعم صحيفة (ذا صن) البريطانية عن سرقة معادلة اللقاح الروسي (سبوتنيك V) المضاد لكورونا.