صفقة الغواصات النووية تهدد الاستقرار العالمي
إعداد: هناء شروف
يعتقد المجتمع الدولي عموماً أن خطوة بناء شراكة أمنية ثلاثية بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا لبناء غواصات تعمل بالطاقة النووية تهدّد استقرار العالم بأسره لتحقيق المصالح الخاصة لهذه الدول. فقد أعرب ممثلو العديد من الحكومات عن معارضتهم لصفقة الغواصات النووية وقلقهم العميق بشأن عواقبها في المناقشة العامة الأخيرة للجنة الأولى للدورة 76 للجمعية العامة للأمم المتحدة.
من هنا فإن النظام الدولي سيواجه تحديات أكثر خطورة فيما إذا حذت بلدان أخرى حذو هذه الدول، كما أن هناك خطراً محتملاً يتمثل في استخدام دولة أخرى غير حائزة للأسلحة النووية لنشر البنية التحتية النووية العسكرية للدول الحائزة للأسلحة النووية، وهذا يؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار الدولي ويتعارض مع الجهود المبذولة لخفض ترسانات الأسلحة النووية.
وباعتبار أستراليا دولة غير حائزة للأسلحة النووية كطرف في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، وطرفاً في معاهدة إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في جنوب المحيط الهادئ -معاهدة راروتونغا- يمكن لأستراليا أن تضع سابقة سلبية للغاية فيما يتعلق بتنفيذ ضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية من خلال بناء غواصات نووية.
وبذلك ومن خلال إجراء صفقة الغواصات النووية، وإجراء التدريبات العسكرية المشتركة، وتوسيع تجارة الأسلحة مع أستراليا، ألقت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بظلال حرب باردة جديدة على منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وشكلت تهديدات خطيرة للسلام والهدوء في المنطقة.
وقد أشار ممثلو دول، من بينها كوريا الديمقراطية والمكسيك وسريلانكا وفنزويلا، في المناقشة العامة للجنة الأولى للدورة 76 للجمعية العامة للأمم المتحدة إلى أن الاتفاق الثلاثي يسلّط الضوء على الطموحات الجيوسياسية للقوى العظمى ويشير إلى عودة ظهور عقلية الحرب الباردة.
في المقابل، بينما تحاول الولايات المتحدة والمملكة المتحدة جاهدتين منع الدول الأخرى من الحصول على مواد وتقنيات حساسة بما في ذلك اليورانيوم عالي التخصيب على أساس عدم الانتشار في السنوات الأخيرة، تجري الآن تعاوناً في الغواصات النووية مع أستراليا، الأمر الذي كشف تماماً عن ازدواجية المعايير بشأن المشكلة، بالإضافة إلى أن الصفقة ستعزّز الوجود العسكري الأمريكي في أستراليا وحتى في منطقة آسيا والمحيط الهادئ بأكملها. أي أن صفقة الغواصات النووية بين الدول الثلاث كشفت عن نفاق ما يُسمّى بالتزامها ومساهمتها في نظام عدم الانتشار العالمي.
الجدير بالذكر أن الولايات المتحدة لم تصدّق على معاهدة منطقة جنوب المحيط الهادئ الخالية من الأسلحة النووية حتى يومنا هذا، ووفقاً للمصادر المفتوحة أجرت الولايات المتحدة 67 تجربة أسلحة نووية في جزر مارشال بين عامي 1946 و1958.
ومن عام 1946 إلى عام 1982 قامت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ودول أخرى بإلقاء كمية كبيرة من النفايات المشعة في المحيط الهادئ والمحيط الأطلسي، كما قامت الولايات المتحدة بشحن 130 طناً من التربة الملوثة بالأسلحة النووية من مناطق التجارب النووية في نيفادا إلى جزر مارشال. وأستراليا لم تكن بريئة أيضاً، إذ سمحت للمملكة المتحدة بإجراء العديد من التجارب النووية في جزر مونتيبيلو قبالة غرب أستراليا وفي جنوب أستراليا بين عامي 1952 و1963.
ختاماً، لن تؤدي صفقة الغواصات النووية إلى زيادة خطر التلوث النووي في منطقة جنوب المحيط الهادئ فحسب، بل ستقوّض بشكل خطير معاهدة المنطقة الخالية من الأسلحة النووية في جنوب المحيط الهادئ.