50% نسبة تسرب اختصاصيي “التحوّل الرقمي” و”الاتصالات” تعيد دراسة “شواغر” المسابقة المركزية
دمشق- رامي سلوم
أكدت معاون وزير الاتصالات لشؤون التحول الرقمي في وزارة الاتصالات والتقانة، المهندسة فاديا سليمان، أهمية معالجة التسرّب الوظيفي لمهندسي الاتصالات باعتباره موضوعاً مهماً جديراً بالمناقشة خلال المرحلة الأولى الحالية من إنجاز استراتيجية التحول الرقمي، لإنجاح هذا التحول الذي يحتاج كتلة من الكوادر البشرية المتخصّصة والمؤهلة، لافتةً إلى أن الفرص الخارجية الجاذبة للمختصين في مجالات الاتصالات تؤدي لتسرب عدد كبير منهم خارج العمل الحكومي بسبب قلة الامتيازات، والفجوة الواسعة في الدخل بين العام والخاص، وخاصة في الظروف الحالية التي يشهد سوق العمل فيها طلباً متزايداً على المبرمجين ومحللي الأنظمة وغيرها من الاختصاصات.
من خارج الصندوق
سليمان أشارت إلى أهمية إيجاد حلول خارج الصندوق لاستقطاب أصحاب الاختصاصات وضمان عدم تسربهم الوظيفي، من خلال جملة من المحفزات، التي ليس بالضرورة أن تكون محفزات مالية مباشرة، وإن كان لها أثر بالغ في استقطاب الكفاءات في الظروف الحالية.
مديرة الموارد البشرية في الوزارة منال الأشهب أيّدت المعاون في طرحها، مشيرة إلى أن نسبة التسرب تصل إلى ما يزيد على 50%، ولفتت إلى أن الوزارة تستقطب المهندسين من الجامعات عبر الفرز، غير أن نسبة كبيرة منهم تمتنع عن استكمال الأوراق المطلوبة خلال المدة القانونية المحدّدة بـ 60 يوماً، لعدم رغبتهم في الاستمرار بالوظيفة.
فجوة دخل
وبيّنت الأشهب أن الفجوة الكبيرة في الدخل بين العمل الحكومي والخاص، ووجود عروض واسعة في القطاع الخاص تؤدي لعزوف شريحة من أصحاب التخصّصات المطلوبة عن الوظيفة، خاصة وأن الوزارة جهة إدارية لا يمكنها رصد حوافز إضافية للموظفين، حيث لا يزيد دخل أصحاب الاختصاصات على 120 ألف ليرة شهرياً مع جميع البدلات، بينما تقدم لهم الجهات الخاصة أضعاف هذا المبلغ بخمس أو ست مرات.
بمعايير جديدة
وعن المسابقة المركزية التي تمّ الإعلان عنها أخيراً، وما قد تقدمه من حلول لاستكمال الكادر البشري المطلوب، أشارت الأشهب إلى أن الوزارة تعيد دراسة الشواغر المطلوبة وفقاً للمعايير الجديدة التي حدّدتها وزارة التنمية الإدارية، ومنها عدم تجاوز 90% من الملاك المحدّد للوزارة (أي عدم تجاوز مراكز العمل المطلوب إشغالها 90% من الملاك العددي الكامل للجهة العامة، وفقاً للمحددات والمعايير الجديدة التي اعتمدتها وزارة التنمية الإدارية)، والتي سيتمّ تقديمها خلال مدة 8 أيام وفقاً للمهلة المحدّدة التي مُنحت للوزارات والجهات الحكومية للتوافق مع المتطلبات الجديدة، ولفتت إلى أن الوزارة ستستكمل الشواغر والمتطلبات في جميع المراكز الوظيفية وكافة الاختصاصات الإدارية والتقنية، مشيرة إلى أن استقطاب مختصين في تكنولوجيا المعلومات، سيحسّن واقع استقدام الاختصاصيين، بسبب قرب اختصاصاتهم من اختصاص هندسة الاتصالات، ومن المتوقع أن يوفر عدداً من الكوادر الفنية الجديدة، من دون أن يلغي الحاجة لكوادر متخصّصة في هندسة الاتصالات والبرمجة، وتحليل البيانات وغيرها.
وبيَّنت الأشهب أنه من الصعب التحدث عن الأعداد النهائية المطلوبة وتخصصاتها قبل إتمام المراجعة، وإصدار القوائم النهائية المتوافقة مع المعايير الجديدة بداية الأسبوع المقبل.
ليس بالأمثل..!
الجدير ذكره أن استراتيجية التحول الرقمي للخدمات الحكومية، والتي حصلت “البعث” على نسخة منها، كانت قد أظهرت خلال تقويم جاهزية مجتمع المعلومات، أنه على الرغم من توفر عدد لا بأس به من خريجي الموارد البشرية التخصصية في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والذكاء الصناعي إلا أن عدداً قليلاً منهم يعمل لدى القطاع العام. كما أظهرت الدراسة أن القلة القليلة المتوفرة في القطاع العام من الاختصاصيين في تكنولوجيا المعلومات لا يتمّ توظيفهم بالشكل الأمثل، بسبب غياب بيئة العمل المحفزة بالإضافة لغياب الرؤى الواضحة لأهمية دور تكنولوجيا المعلومات في عملية تحسين جودة الخدمات والإنتاجية لدى المؤسّسات.
تدني المستوى
ووفقاً لما جاء في الدراسة، برز جلياً تدني مستوى التدريب والتأهيل في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وخاصة في ظل سنوات الحرب، مما أدى لتراجع واضح في مؤهلات الموارد البشرية العاملة في مجال تكنولوجيا المعلومات لدى القطاع العام، وعدم قدرتها على متابعة التطورات والمستجدات العالمية في هذا المجال.
وأشارت سليمان إلى أن موضوع التدريب يعتبر في إطار الدراسة والتطبيق، مع لحظ الكلف المادية، مبينة أن عصر تكنولوجيا المعلومات الحالي يوفر إمكانية استقدام المتطلبات لأي مكان، وبالتالي فإن واقع التدريب يمكن أن يكون داخلياً مع توافر المتطلبات المالية والتقنية.
لم يَعُد خياراً..
سليمان أكدت أن إنجاز التحول الرقمي بحاجة لتوافر كتلة من الكوادر البشرية المؤهلة، تكون قادرة على النهوض بمتطلبات التحول للوصول للغايات المرجوة، منوهة بأهمية استقدام الاختصاصات القريبة من جامعات أخرى مثل الجامعة الافتراضية السورية وغيرها، معتبرة أن قطاع تكنولوجيا المعلومات متسارع، ويتمّ رصد تغيير جذري في البرامج وغيرها مع مرور حوالى 18 شهراً، ما يجعل عامل الوقت مهماً جداً للبقاء ضمن هذا العالم الذي لم يعد خياراً، وأهمية مواكبة القفزات الواسعة للقطاع، بقفزات موازية.
وتابعت سليمان أن الاستثمار في الموارد البشرية هو قاطرة التنمية في المجتمعات، في ظل الخطوات الملموسة والمتسارعة التي تنتهجها الدولة في ملف التحول الرقمي، ورأت وجوب عدم توقف المساعي عن تنمية وصقل الكفاءات الرقمية، باعتبارها العنصر الفعّال في دعم استراتيجية الدولة نحو التحول الرقمي، وبناء الإنسان السوري.