برجك عام 2022
غالية خوجة
مع كل عام جديد تبدأ طواحين العرافات وقراء الطالع والحظوظ والأبراج بالتنافس للكشف عن التوقعات والأحلام والأعمال والحب والمال، لكن، لماذا لا يقرأ كل منا برجه بنفسه؟ كيف؟.
تتنوّع الأبراج وتختلف، فهناك برج الشِّعر وبرج النفس وبرج الحاسة السادسة وبرج الضمير ويرج العمل وبرج التفاؤل وبرج الروح وبرج المجتمع وبرج العلم وبرج الأدب وبرج الأخلاق وبرج المحبة.
ولتعرف برجك، لا تكن مثل دونكيخوته الذي حارب طواحين الهواء في رواية ثربانتس، بل “اقرأ” ما قدمت لنفسك فيما مضى من عمرك، وتأمّل كيف يمكنك الاستفادة من الماضي وسلبياته لتكوين فكرة جديدة تساعدك على ترتيب حياتك وأولوياتها ضمن حلم ممكن التحقق في الظروف النفسية والاجتماعية والمهنية والمادية المحيطة بك، وضعْ خطة جديدة لحياتك القادمة مبتدئاً بسنتك الجديدة، مستبعداً الأنين والمعاناة والشكوى لأنها تدخلك في برج اليأس وطواحين الإحباط، بل جدّدْ إرادتك في تحدي الظروف بطريقة إيجابية لا تزعجك وعائلتك ومحيطك، وابدأْ حياتك من جديد مثل الشمس وهي تشرق مع نهار جديد.
وجربْ أن تكون فناناً في كل شيء تعمله، لأن “الإنسان يولد فناناً” كما قال بابلو بيكاسو، بدءاً من إعدادك للطعام وتناوله، إلى حركتك في المشي والجلوس، وطريقة كلامك وفهمك وتعاملك مع ذاتك والآخرين، وكنْ فناناً في عملك ولا تعتبر العمل مجرد واجب، بل تعامل مع أي عمل كان بفنية، سواء العمل المهني، أو أي فعل آخر يتحوّل إلى عمل، لأن الفن ثقافة، والثقافة مغناطيس شمولي ينعكس من ثقافة الطعام إلى ثقافة الشخصية بما فيها ثقافة التفكير والعمل والكلام.
وإنساننا السوري فنان بطبعه، ولديه ذوق وذائقة بالفطرة، ولا يحتاج إلاّ إلى مزيد من الوقت مع نفسه ليتأمل، لأن التأمل عامل مهمّ في الاكتشاف من أجل المضي إلى الأمام، وهنا نكون في برج النفس وبرج الروح وبرج الضمير.
وحالما نخرج من الاكتشاف نكون قد وضعنا أنفسنا أمام مراياها، لنختار الأكثر ملاءمة لبرج العمل الذي لا ينفصل عن برج المجتمع لنكون في حالة تفاعلية إيجابية واحدة تجمع برج التفاؤل ببرج العلم لنكمل منهجيتنا لهذا العام من أجل الأفضل، ويساعدنا في ذلك برج الحاسة السادسة الذي يكون بوصلتنا في استكمال هذه الخطة العملية وتلافي سلبياتها بالمناسب في كل لحظة وظرف ومكان، لتكون الخطة السنوية ناجحة على الصعيد الشخصي الفردي والعائلي والعام.
وللإنسان الذي تعجبه هذه الطريقة في معرفة برجه، أن يدرك أنّ حظه لا يكتمل إلاّ من خلال برج الأدب والذوق والفن الذي لا يكتمل دون برج الأخلاق وبرج المحبة لنتوّج أحلامنا بأعمالنا مهما كانت هذه الأعمال صغيرة، وبذلك نشعر بأن ما ننجزه يشعّ مثل الشمس مع كل نهار جديد.
ولأنني أرى الإنسان يولد شاعراً أيضاً، خصوصاً إنساننا السوري، فهو يستطيع إيقاظ برج الحياة من غفوته المؤدية إلى الموت لينقله إلى موجة اليقظة الحيّة ليتفاعل مع الوجود والناس والأفلاك والنباتات والطيور والكائنات بكيفية فنية وجمالية تصمد أمام وَحْشَنةِ وتوحّش الآخر وتنتصر عليه بعملها الحضاري، وتعلّمه كيف أنّ أنْسَنةَ الإنسان قيمة عليا وبرج أعلى من جميع الأبراج العمرانية، والأبراج العدائية والظلامية والحِصارية، لأن برج الإنسان السوري هو برج المحبة والقيم والانتصار والحياة الحضارية.