كأنك ما غزيت..!.
من المؤكد أن مؤتمرات النقابات العمالية السنوية المقامة حالياً في معظم المحافظات تشكل محطات مهمة لتقييم حالة الأداء والغوص في التفاصيل ودقائق الأمور وبكثير من الشفافية والجرأة بهدف تعزيز الإيجابيات وتلافي السلبيات وصولاً إلى حالة مثالية في العمل النقابي والإداري والتعاطي المنفتح مع متطلبات النهوض والتطور، وبالتالي تمكين المؤسسات من القيام بدورها التشاركي وتنفيذ مهامها على أكمل وجه كداعم ورافع للعملية الإنتاجية والتنموية خاصة في هذه المرحلة العصيبة والتي تشهد انكماشاً اقتصادياً وتراجعاً ملحوظاً في مؤشرات النمو والانتاج.
في الواقع، مشهد مؤتمرات هذا العام جاء خلافاً لما سبق ولم يبتعد عن أجواء المؤتمرات السابقة لناحية الطروحات والنقاشات والمطالب والتوصيات المكررة والتي لم تجد طريقها إلى التنفيذ حتى الآن بالرغم من كل الوعود، ما أفقد هذه المؤتمرات أهميتها وأظهر ضعف تأثيرها في القرار التنفيذي، سيما وأن النقابات العمالية ولجانها تشكل فعلياً نبض الشارع ومختلف شرائح المجتمع والجزء الأكبر من العمل الإداري والوظيفي في مختلف مؤسسات الدولة.
باعتبار أن هذه المؤتمرات تزيل كل الحواجز وتقرب المسافات بين المواطن والمسؤول وتسهم في تعميق ثقافة العمل الجماعي والتشاركي وتهدف إلى تلبية احتياجات ورغبات العمال الشريحة الأكبر في مجتمعنا، لا بد من اعتماد صيغ عمل مشتركة ناجعة لضمان نجاح عمل هذه المؤسسات النقابية وتحقيق أهدافها السياسية والإقتصادية والخدمية والإجتماعية والثقافية والفكرية لتكون مؤثرة وفاعلة وشريكة أساسية في عملية بناء الفرد والمجتمع بناء صحيحاً وقوياً لمواجهة كل التحديات والأعباء المعيشية على وجه التحديد.
بعيداً عن التنظير، نجد أن مسؤولية تطوير العمل النقابي والخروج من القوالب الحاضرة والجاهزة والمعدة مسبقاً بعيداً عن المزايا والمكاسب الخاصة، ضرورة ملحة وحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى وبما يعكس جدية وحيوية هذه النقابات وحضورها المؤثر كداعم ورافع للقطاع الاقتصادي، وبما يحقق الشراكة الحقيقية المنشودة، وهو ما يجب انتهاجه و تكريسه عبر سياسات شفافة وخطوات مدروسة وبرامج هادفة وأن تلقى الطروحات والمطالَب الاستجابة والمعالجة ضمن مدد زمنية محددة ومتتالية، لا أن يتم تدويرها وترحيلها – كما درجت عليه العادة – للمؤتمرات السنوية القادمة (وكأنك يا أبا زيد ما غزيت)!!
يمكن القول – بل التأكيد – أن الكثير من المشكلات والصعوبات بالإمكان تجاوزها وإيجاد الحلول الفورية لها دون الحاجة إلى انتظار موعد عقد المؤتمرات السنوية فيما لو كرسنا ثقافة العمل الجماعي والمؤسساتي للصالح العام . فهل نفعل؟
معن الغادري