ارتفاع أسعار الغاز يدفع قادة أوروبا إلى الصراخ : لا غنى لنا عن روسيا
تقرير إخباري
في الوقت الذي تسعى فيه الولايات المتحدة الأمريكية لدفع أوروبا نحو حظر مصادر الطاقة من روسيا، من خلال تشريع يقره الكونغرس الأمريكي، بدأت الأصوات تتعالى في القارة العجوز تدعو إلى استثناء الغاز والنفط الروسي من العقوبات فأوروبا حسب المستشار الألماني إن واردات الطاقة الروسية “أساسية لحياة الأوروبيين اليومية”، ما يعني أن جزء كبير من العقوبات التي هولت لها القوى الغربية باتجاه موسكو قد سقطت بالضربة القاضية، ولكن هل يعي الأوروبيون أن التعاون مع روسيا بدلاً من الصدام معها هو ركن أساسي في أمن الطاقة الخاص بهم؟.
وفي السياق حطم سعر الغاز في أوروبا عند افتتاح التداولات رقما قياسيا تاريخيا، حيث اقترب من 4000 دولار لكل 1000 متر مكعب. وتجاوز خلال تداول اليوم 3900 دولار لكل 1000 متر مكعب. م، وفقا لبورصة لندن ICE. وارتفعت تكلفة الغاز بأكثر من 79٪ منذ بداية التداول. كما ارتفع سعر العقود الآجلة لشهر نيسان في مركز TTF في هولندا إلى 3899 دولارًا لكل 1000 متر مكعب. م ، أو 345 يورو لكل ميغاواط ساعة.
هذه القفزات المتسارعة لأسعار الطاقة في أوروبا على خلفية العملية الخاصة الروسية في أوكرانيا لحماية الدونباس، دفعت بالساسة الأوروبيين لإعلاء الصوت عالياً بأن أوروبا غير قادرة على تحمل فاتورة الطاقة الكبيرة، فلا مجال في الوقت الحالي لتأمين البديل، وحتى البديل سيكون مكلف جداً، حيث أكد شولتس أن أوروبا استثنت قطاع الطاقة من العقوبات المفروضة على روسيا لأنه لا يمكن ضمان الإمدادات إلى القارة من دونها في هذه المرحلة. وأضاف “لا يمكن ضمان إمدادات الطاقة الأوروبية لإنتاج الحرارة والتنقل والكهرباء والصناعة بأي طريقة أخرى في الوقت الحالي”.. أمام كل ذلك يطرح السؤال الملح لماذا علقت ألمانيا مشروع نورد ستريم 2 مع روسيا على الرغم من تطمينات موسكو المستمرة بأن المشروع تجاري بحت؟، وما علاقة الضغوط الأمريكية بكل ذلك؟.
أكدت موسكو مراراً أن مشاريع الطاقة مع أوروبا هي تجارية بحتة ولكن في كل مرة كانت تصر واشنطن على زج هذه المشاريع في صلب المواجهة وتدعي بأن روسيا تريد هذه المشاريع لابتزاز أوروبا، حتى وصلنا إلى ما حدث اليوم من ارتفاع مهول في أسعار الطاقة. وهذا ما أكدته الخارجية الروسية عبر الناطقة باسمها ماريا زاخاروفا لقد أكدت روسيا باستمرار أن مشروع التيار الشمالي 2 هو مشروع اقتصادي وتجاري بحت، تم تنفيذه وفقًا للقانون الدولي ولوائح الاتحاد الأوروبي، وتشريعات الدول الساحلية ذات الصلة. سيكون تشغيل خط أنابيب الغاز هذا في الوقت المناسب في مصلحة كل من روسيا وأوروبا”.
في ضوء ذلك يبدو واضحاً أن الهدف الأمريكي من الأزمة الأوكرانية هو إبقاء الدول الأوروبية في حالة تبعية مطلقة لها ، حتى لو أدت هذه السياسات إلى خنق أوروبا نفسها، ولكن كما يقول المثل الدارج “الذي يده في النار ليس كالذي يده بالماء” فأمريكا هي مصدر للطاقة حول العالم وسن تشريعات تحظر استيراد النفط والغاز من روسيا، لن يؤثر عليها، في حين أن أوروبا هي المتضرر الأول. فهل تعي الساسة الغربيون هذه الحقيقة أم أنهم سيبقون يسيرون في ركب العم سام.