التصفيات المونديالية بين الاحتراف والعشوائية والفرح والأسى
ناصر النجار
الكثير من المنتخبات العربية والعالمية خرجت من التصفيات دون أن تلمس أقدامها الدوحة، ودون أن تحقق آمالها بالوصول إلى المونديال، وربما عشاق الكرة المستديرة يشعرون بغصة كبيرة لغياب ايطاليا والجزائر ومصر.
ايطاليا أحد أركان الكرة العالمية، غيابها مؤثر لأنه ستغيب معها متعة لن تجدها إلا عند الطليان، الحظ وقف ضد الطليان على أعتاب الدوحة ليقول للكالتشيو: “لن تمروا”؛ فتسعون دقيقة من الضغط لم تسفر إلا عن الحزن والألم، وغياب الجزائر محزن لما رافقه من ظلم تحكيمي واضح كان بطله الحكم الذي لم يعترف بـ “الفار” الذي أقر بصحة هدف الجزائر، وبطلان هدف الكاميرون، ولكن لا تنفع هذه الشهادات كلها بعد فوات الأوان، وكأن هناك من لا يريد لبلد مليون ونصف مليون شهيد أن يكون حاضراً في المونديال.
أما مصر فالعالم العربي يفرح لوجودها لرؤية نجومها، خاصة محمد صلاح الذي لم يكن بيوم سعده.
المشهد الثاني أن مدربي الجزائر ومصر قدما استقالتهما من المنتخب بغض النظر عن الظروف والملابسات الحاصلة، فمهمة المدرب أن يوصل المنتخب إلى كأس العالم، وإن لم يحقق هذا الهدف فعليه أن يدع مكانه لغيره من المدربين.
في كرتنا نتمسك بالمدرب ولو خسرنا مع المالديف ولبنان وموريتانيا والأردن وغوام، فالهدف هو الكرسي والبقاء في المنصب، وآخر اهتمامنا هو المنتخب، وهذا الكلام ينطبق على القائمين على كرة القدم الذين لا يهمهم من كرة القدم إلا منافعهم، وعدد السفرات السياحية التي سيمضونها، واللجان القارية والعربية التي سيستفيدون منها.
لم نسمع أحداً لام نجوم الجزائر أو مصر، فنظرية المؤامرة صناعة محلية، النجم قد ينجح وقد يخفق، وهذا أحد عناصر الاحتراف ومفهومه، ولا يمكن أن ينتهي نجم لأنه أضاع جزاء أو فرصة، أو أخطأ بشيء في المباراة، ولو كان كذلك لما وجدنا نجوماً كبلاتيني وزيدان وغيرهما يتابعون مسيرتهم الكروية الناجحة، في كرتنا الوضع مختلف تماماً، فالتعامل مع المحترفين يتم بمنطق أعوج، ما يجعل نجومنا يهربون من المنتخب ولو تأهل إلى كأس العالم!.
المشهد الأخير من يوم الثلاثاء الحاسم في التصفيات الآسيوية الكروية أن منتخبنا أنقذه القدر من خسارة ثقيلة أمام العراق، فلم يكن دفاعنا صلباً، ولم يكن المدرب محترفاً يعرف كيف يواجه منتخب الرافدين، إنما كان العراقيون في يوم نحسهم فأضاعوا من الفرص على طريقة الأمور التي لا يصدق الكثير منها، لو سجلوا نصفها لأنهى المنتخب العراقي المباراة من الشوط الأول، وفعلاً كان منتخبنا محظوظاً، خاصة أمام التبديلات العشوائية غير المفهومة في الشوط الثاني، وكأنه يريد إرضاء أغلب اللاعبين، ولو كان التبديل يسمح بأكثر من خمسة لاعبين لأشرك المدرب جميع اللاعبين ومساعده والإداري.