زواياصحيفة البعث

هل بدأ العدّ التنازلي للحرب “الثالثة”؟

في خبر ربما يحمل في طياته العديد من الاحتمالات والسيناريوهات المرعبة، ويشير إلى إصرار حلف شمال الأطلسي “الناتو” على استفزاز روسيا إلى أبعد حدّ، الأمر الذي بات فعلاً مؤشراً على بداية العد التنازلي لحرب عالمية ثالثة يمكن أن تندلع بشكل ساخن بين الفينة والأخرى، وافقت أكثر من 40 دولة اجتمعت في قاعدة “رامشتاين” الجوية الأمريكية في ألمانيا على توسيع إمدادات الأسلحة في أوكرانيا، وفقاً لتقارير “Das Erste”.

الخبر على هذا النحو يؤكّد أن الحلف بدأ يعترف بانخراطه تدريجياً في هذه الحرب، وربما يشير من زاوية أخرى إلى أدلّة دامغة يملكها الجانب الروسي على تورّط حلف شمال الأطلسي ببنيته العسكرية في القتال داخل أوكرانيا وليس فقط عبر خبرائه وضباطه، وذلك لأن فكرة تزويد أوكرانيا بالسلاح كانت إلى وقت قريب مفهومة من الجانب الروسي على أنها زيادة في استنزاف الجيش الروسي، أما أن يقوم الحلف بالإعلان عن مواصلة تزويد أوكرانيا بالسلاح النوعي انطلاقاً من قاعدة رامشتاين الجوية الأمريكية الواقعة في أقصى جنوب غرب ألمانيا، التي تمثل مركز القيادة الخاص بقوات الولايات المتحدة في أوروبا وإفريقيا، فضلاً عن أنها واحدة من أهم المنشآت العسكرية الأمريكية التي لا تخدم القوات الجوية الأمريكية وحلف الناتو فحسب، ولكنها أيضاً بوابة للعمليات العسكرية الأمريكية في كل أنحاء العالم، فإن ذلك يشير صراحة إلى بداية الإعلان عن التورّط المباشر في هذه الحرب، ربّما قبل أن يضطرّ الروسي إلى كشف مزيد من الأوراق التي تشير إلى هذا التورّط.

وإعلان وزيرة الدفاع الألمانية، كريستينا لامبرخت، عن نقل 50 مدفع “جيوبارد” ذاتي الدفع مضاد للطائرات إلى أوكرانيا، وترحيب وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن بهذا الإعلان وقوله: “إن ألمانيا صديق وحليف عظيم”، ربما يحملان إشارة إلى أنه لا يمكن أن تراهن روسيا على استمالة ألمانيا إلى جانبها تحت ضغط حاجتها إلى النفط والغاز الروسيين، وفي الوقت ذاته يؤكدان استحالة تفلّت ألمانيا من الهيمنة الأمريكية في الوقت الراهن.

ولكن حتى الآن تستمرّ واشنطن في حشد حلفاء لها ضدّ روسيا على الأراضي الأوروبية، وتستمرّ في توريطهم بالعداء لها، وإطلاق التصريحات الرنانة التي توحي بأن الولايات المتحدة تقف خلفهم بصلابة، وذلك من قبيل أنها “ستزلزل السماء والأرض” لدعم أوكرانيا، وفي الحقيقة هي تحارب روسيا من بعيد مستخدمة المال والإنسان الأوروبيين، وما الاجتماع داخل القاعدة إلا لإيهامهم بأنها تقف خلفهم بقوة، في الوقت الذي ترفض فيه الإعلان عن مواجهة مباشرة مع روسيا.

وغاية ما تملكه واشنطن في هذا المجال هو رفع منسوب العداء لموسكو في الدول الغربية، حيث استطاعت حشد أكثر من 30 دولة قدّموا بضغط أمريكي أكثر من 5 مليارات دولار من المعدات العسكرية لأوكرانيا، في الوقت الذي يقفون فيه عاجزين عن تأمين انتصار ناجز لها في هذه المعركة التي يدّعون أنهم يقفون فيها خلفها.

طلال ياسر الزعبي