ثقافةصحيفة البعث

فرقة كارني الأرمنية تقدم أنماطاً من الرقص العالمي والتراث الأرمني

الوشاح البنفسجي الطويل الذي يحمله الراقصون وتدور حوله الراقصات بأثوابهن البنفسجية بحركات الفلامنكو المرتبطة بالعزف على الغيتار والإيقاعيات وملامح من الموسيقا الأندلسية، والمنعكسة بحركات الأقدام القوية المتناغمة مع حركات اليدين نحو الأعلى على تأثير نيران الحبّ والحياة المتأججة على الخلفية السينمائية، كانت إحدى اللوحات الراقصة التي قدّمتها فرقة كارني الأرمنية القادمة من حلب على مسرح الأوبرا على وقع الموسيقا والغناء.

ولم تقتصر على التراث الأرمني، وإنما قدّمت لوحات من مختلف أنماط الرقص العالمية والمرتبطة بثقافة الشعوب وطقوسها المحلية، وبعضها أدرج ضمن لائحة اليونسكو في التراث الثقافي اللامادي، وثمة تقاطعات صغيرة بين الرقصات من زوايا مختلفة.

تميّزت الأمسية بتصميم الأزياء واختيار الألوان المستوحاة من تفاصيل الرقصات العالمية الجماعية والثنائية والإفرادية بتصميم وتدريب فريج تيرزيان ونانور كورومليان تيرزيان.

حركات الفرسان

افتُتحت الأمسية بالرقصة العربية على وقع صوت عاصي الحلاني وحركات الفروسية للراقصين واللحن الحماسي، فجمعت الحركات بين الدبكة والاستعراض والقفزات “سيفك دهب”، ثم من التراث الأرمني رقصة المزحة للذكور وهم يلوحون بالمنديل الأبيض ويضعون الحزام الأحمر على الخصر، وتتبع لخصوصية الحركات السريعة للرقص الأرمني، وتميّزت بومضة جميلة بانضمام الطفلة الصغيرة ذات الأعوام الثلاثة –ابنة المدربة-إلى المسرح ومشاركتها بالرقص وهي تحمل سلة القشّ.

الغجر

ومن التراث الشعبي رقصة الغجر بالأثواب الفضفاضة للراقصات، وتعتمد على الأداء وفق الحركات اللينة المعبّرة عن مشاعر إنسانية حملها معهم بدو الغجر من الهند إلى أوروبا وانتشرت في كل العالم.

ثنائيات

كما شكّلت اللوحات الثنائية محوراً أساسياً بالأمسية لأنماط من الرقص العالمي، مثل رقصة سالسا بين شريكين على إيقاعات موسيقا السالسا من أمريكا اللاتينية، والحركات المتنوعة للراقصة بخطواتها العاطفية وهي ترتدي ثوبها الأحمر القصير المشابه للتصميمات العالمية لأزياء السالسا، وتمضي بالدوران حول الشريك ثم بتحريك الساقين والكتفين وفق الموسيقا ممسكة بيد الشريك الذي يحملها وفق قواعد الرقصة.

وثمة تقاطعات بالإيحاء العام لرقصة السالسا مع رقصة التانغو المعبّرة عن حالة رومانسية، وتعتمد على الخطوات الطويلة وانثناءات الجسد الأنثوي مع تنقلات إيقاعات موسيقا التانغو الأرجنتينية المبنية على آلة الباندونيون. أما لوحة رقصة “جايف” فكانت أقرب إلى مشهدية تعبيرية ذات قصة درامية تسرد بالحركات الراقصة حكاية شاب يوقع بفتاتين، وبإيحاءات الخلفية تدور أحداث الرقصة في مطعم على وقع ألحان موسيقا الجاز تتشاجر الفتاتان وتنتهي المشهدية باتفاقهما عليه، فيقع على الأرض وتبدوان هما المنتصرتان.

الروسي المنوّع

ومن رقصات الشعوب قدمت كارني لوحة للرقص الروسي بثياب تقليدية للراقصين والراقصات من خلال “ميكس” دمج مقتطفات من خصوصية الرقص الروسي من أماكن مرتبطة بجغرافية روسيا، فكانت الرقصات متباينة الحركات بين السريعة والبطيئة وتشكيل نصف دائرة والقفز والرقص بالمكان وتوحي بعض الحركات بتقاطعات جزئية مع الرقص الشركسي.

الهندي المعاصر

وتفاعل الجمهور مع الرقص الهندي القريب من الجمهور والمرتبط بالأماكن المحلية في الهند وبالطقوس والمناسبات الاجتماعية، والمألوف من خلال الأفلام السينمائية الهندية التي أخذت طابع العالمية، فبدت الرقصة أقرب إلى الرقص الهندي المعاصر بثياب الراقصات الموحية بخصوصية أثواب الراقصات الهنديات وباللون الأحمر.

الرقص الأندلسي

وأجمل ما في الأمسية هو الرقصة الأندلسية المعبّرة عن حضارة الأندلس وتاريخ العرب في إسبانيا، فامتدت الألحان الأندلسية للقيثارة والناي والضرب الإيقاعي والصنجات مع تأثير الصور البصرية لواجهة القصر الأندلسي وعراقة الطراز المعماري للأقواس والزخارف والمنمنمات الرخامية، لتصل الكاميرا إلى ثقب مفتاح الباب دون المفتاح برمزية إلى تاريخ العرب الذي لا يُمحى. وتميّزت الرقصة للراقصات بأثوابهن السوداء المزركشة باللون الذهبي بالحركات الهادئة تارة مثل حركات رقص السماح، لتتخللها مقاطع من الرقص الشرقي الذي يعدّ فناً من فنون الحضارة المصرية بتحريك جذع الجسد والرقص السريع على إيقاعات الضرب الإيقاعي في مواضع.

العرس الأرمني

واختُتمت الأمسية بالتراث الأرمني، فبعد أن قدمت الفرقة رقصة غزل الصوف التي تعكس مهارة النساء الأرمنيات وبراعتهن بالأشغال اليدوية، فاتسمت بجلوسهن على الأرض والتركيز على حركات الأيدي بما يشبه نسج الصوف، كانت لوحة الاختتام برقصة “تامزارا الأرمنية” وتعني العرس الأرمني وتبدو من خلالها التقاطعات الإنسانية بالطقوس والعادات المتبعة بحفل الزفاف، والتي تطال الباب الخشبي للبيت القديم ومطرقة الباب الشبيهة بمطارق بيوت دمشق القديمة، فبدأت بموسيقا هادئة تتناغم مع جمالية الثوب الأبيض بالرقصة الإفرادية للفتاة التي ستغادر منزل أهلها وتعيش حالة حبّ، وبالمشهد الآخر رقصة ثنائية للشابين، ثم تشكيل رتلين لأهل العريس والعروس والرقص احتفالاً بالعروسين على وقع نغمات الآلات الموسيقية الشعبية الأرمنية.

برومو

حفلت الأمسية بعرض برومو لتدريبات الفرقة التي تضمّ خمسة وعشرين راقصاً وراقصة، ومشاركتها في المهرجانات الدولية في دول عدة، والعروض المسرحية ومنها عرض “ديكران الكبير” الذي قُدّم على مسرح دار التربية عام 2014 في حلب.

ميلاد كارني العاشر

مدرّبة الفرقة ومصمّمة الرقصات نانور كورومليان تيرزيان تحدثت لـ”البعث” عن سعادتها بعرض الفرقة للمرة الثانية على مسرح الأوبرا، إضافة إلى مشاركاتها في مهرجان قوس قزح، وعن اهتمام الفرقة بتقديم أنماط عالمية من الرقص وليس فقط من التراث الأرمني.

أما عن تصميم الحركات الراقصة مع زوجها المدرّب والمصمم فريج تيرزيان، فبيّنت بأنهما يعتمدان على حركات الرقص العالمية، إضافة إلى حركات من تصميمهما، ونوّهت بالتحضير للمشروع المهمّ في العام القادم 2023 احتفالاً بميلاد فرقة كارني العاشر، متمنية أن تتاح لهم الفرصة لتقديم الاحتفال على مسرح الأوبرا.

الراقص أبرناركولويان تحدث عن لغة الجسد التي يستخدمها الراقص عوضاً عن الكلام، وعن دور الرقص بالتراث الأرمني.

ملده شويكاني