مضيق تايوان نحو الأسوأ.. والصين تعلن متابعة إجراءاتها لحماية وحدتها واستقلالها
تقرير إخباري:
يتضح من وصف وزير الخارجية الصيني وانغ يي زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي إلى تايوان بالجنون، مدى قساوة ما ستتخذه بلاده من إجراءات تضمن سيادتها على منطقة تعدّها جزءاً لا يتجزّأ منها، حيث قال على هامش اجتماع وزراء خارجية مجموعة آسيان في كمبوديا: “إن زيارة بيلوسي إلى تايوان عمل مجنون وغير مسؤول وغير عقلاني للغاية من جانب الولايات المتحدة”.
ومع تسارع ردّات الفعل الغاضبة ذكرت قناة (سي سي تي في) الصينية، أن التدريبات العسكرية بدأت اليوم في عدد من المناطق حول تايوان، حيث ذكرت صحيفة غلوبال تايمز الصينية نقلاً عن محللين عسكريين أن التدريبات ستجري على مدى غير مسبوق لأن الصواريخ ستحلق فوق تايوان للمرة الأولى.
التدريبات التي تؤكد الصين شرعيتها، تمثل محاكاة حصار للجزيرة، وتشمل مهاجمة أهداف في البحر، وضرب أهداف على الأرض، والسيطرة على المجال الجوي، وقد منعت إدارة الأمن البحري الصينية السفن من دخول مناطق المناورات في إجراء احترازي لضمان السلامة.
وجاء في بيان منطقة قيادة القتال الشرقية التابعة لجيش التحرير الشعبي الصيني على حسابها الرسمي: “في حوالي الساعة 13:00 يوم 4 آب، تم تنفيذ إطلاق نار طويل المدى وضربات دقيقة على مناطق مستهدفة في شرق مضيق تايوان.. وقد تحققت النتائج المتوقعة”.
وفي خطوة تحذيرية لمحاولات الولايات المتحدة والحزب التقدمي الحاكم في تايوان احتواء الصين، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الصينية تان كيفي في بيان نقلته وسائل إعلام: “إن التواطؤ والاستفزاز من جانب الولايات المتحدة وتايوان لن يؤدّيا إلا إلى دفع تايوان إلى هاوية الكوارث، والتسبّب في أضرار جسيمة للمواطنين التايوانيين”.
وأضاف: إن إعادة التوحيد الكامل للوطن الأم أمر تاريخي حتمي.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية هوا تشونينغ في مؤتمر صحفي: “تم إلغاء الاجتماع بين وزيري خارجية الصين واليابان في بنوم بنه لأن اليابان أصدرت إلى جانب دول مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي بياناً مشتركاً وجّهت فيه اتهامات إلى الصين على هامش أزمة تايوان بشكل لا أساس له وصوّرت فيه الأشياء السوداء على أنها بيضاء”، محذّرة من إعادة النظر في الحوار مع المجموعة إذا لم تغيّر موقفها الخاطئ من مسألة تايوان.
إلى ذلك، رجّحت وزارة الدفاع اليابانية أن تكون أربعة من الخمسة صواريخ البالستية الصينية، التي يبدو أنها سقطت في المنطقة الاقتصادية الخالصة لليابان، قد حلقت “فوق جزيرة تايوان الرئيسية”.
وفي المواقف المؤيّدة للصين، وصف المتحدث الرسمي باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، المناورات العسكرية التي تقوم بها الصين حول جزيرة تايوان، بأنها من صميم شؤون السيادة الصينية.
وتابع بيسكوف: “كلنا نعلم أن التوتر في المنطقة كان حول تايوان، وفي الواقع، تمت استثارته على نحو مصطنع، ونحن نتفهم جميعاً من قام بالاستفزاز، وقد كانت زيارة نانسي بيلوسي زيارة غير ضرورية”.
وقال الخبير أندريه سيدوروف، عميد كلية السياسة العالمية بجامعة موسكو الحكومية: “ربما يرغب قراصنة الإنترنت الصينيون في (الانتقام) من بيلوسي وتنفيذ هذا العمل بهدوء”.
أما مدير معهد الدول الآسيوية والإفريقية في جامعة موسكو الحكومية البروفيسور، أليكسي ماسلوف، فقد أشار إلى أن “بكين تفضّل الآن في ردّها على الإجراءات الأمريكية التصرّف علانية، بفرضها عقوبات”.
ولفت الأكاديمي المتخصص إلى أن “تايوان ستختبر الآن كل (سحر) الحصار، وهذا سيعطل الخدمات اللوجستية، على سبيل المثال وقف توريد الرمال الصينية لتايوان سيكون إجراء خطيراً للغاية في الواقع، بالنظر إلى أن تايوان نفسها لا تنتج الرمال (تستخدم في صناعة الرقائق الإلكترونية)، والمشتريات أكثر من 5 ملايين طن من الرمال سنوياً”.
وفي تطوّرات الوضع والمساعي نحو التهدئة، دعا وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، إلى ضبط النفس، بالتزامن مع إجراء الصين مناورات عسكرية حول تايوان، محذّرين من أنّ الوضع قد يؤدّي إلى “نزاعات مفتوحة”.
بدوره، حضّ نائب وزير الخارجية الكمبودي، كونغ فواك، على “إبقاء الوضع مستقراً”، وقال: “نأمل أن يبدأ وقف التصعيد، وأن تعود الأمور إلى طبيعتها في مضيق تايوان”.
أيضاً حذّرت الإمارات العربية المتحدة، من تأثير أي زيارات “استفزازية” على الاستقرار العالمي، وذلك بعد رحلة بيلوسي إلى تايوان، رغم الاعتراضات الصينية.
وأصدرت وزارة الخارجية الإماراتية بياناً أكدت فيه “دعمها لسيادة الصين ووحدة أراضيها، وأهمية احترام مبدأ الصين الواحدة”، داعيةً إلى “الالتزام بقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة”.
بالمحصلة، أصبحت الزيارة دافعاً لجولة جديدة من التوتر في مضيق تايوان، بالإضافة إلى الإعلان عن بدء التدريبات العسكرية الصينية، وفرضت بكين عقوبات على مؤسستين تايوانيتين، وعلقت تصدير الرمال الطبيعية إلى الجزيرة واستيراد الحمضيات وأنواع معينة من المنتجات السمكية من تايوان.
بشار المحمد