مجلة البعث الأسبوعية

فرمان”البنزين”!

بشير فرزان

تعودنا خلال سنوات الأزمة على الاجتهاد في تبرير القرارات  التي تصدر بين الفينة والأخرى من أصحاب مقولة “العمل ضمن المستطاع ” حيث نقوم وبنوايا صادقة على ترويض حياتنا وجموح مطالبنا  في ميدان الأمر الواقع ونعمل بدافع المواطنة الصالحة وتفهم  إستراتيجية الظرف الاستثنائي على  قلب المعادلات الرياضية والنظريات الاقتصادية لتطابق في سياقها النظري والتنفيذي مضمون تلك “الفرامانات ” ونعتذر هنا على استخدام هذه العبارة التي لم نجد بديلاً عنها فهي تخدم قناعاتنا وتعبر في الوقت نفسه عن مواقف الناس  حيال الكثير من القرارات الضبابية التي تحتاج إلى المفسرين والمؤولين لفكفكة شيفرة أهدافها واستخلاص الحقيقة أو الغاية النهائية منها خاصة أنها تعتمد دائما صيغة  الأحجية حيث ترسم مضامين التعاميم خارطة الطريق نحو المصلحة العامة وتتضاعف الجهود وتتعدد الأفكار التي تنبش في يوميات الناس بحثاً عن المنغصات والتحديات لمعالجتها ووضع الحلول المناسبة لها ولكن ولأسباب مجهولة تدار الدفة بعكس الاتجاه وبخلاف التوقعات والآمال تعلق  النتائج في شبكة عنكبوتية من التفسيرات فتضيع معها حقوق المواطن وتحتجز طرق التطبيق والتنفيذ  في قفص المعضلات والمعادلات مستحيلة الحل.

ولنبرهن صحة ما ندعيه أو مانحاول الإشارة إلية والذي ندرجه وبإرادتنا في خانة الادعاء حتى يثبت العكس سنستشهد بالقرار الأخير الخاص برفع اسعار البنزين وطبعا نحن لا نريد التشكيك بالغاية أو العبث بمضمونها  وأخذها بعيداً عن مقاصدها المعلنة بل سننقل بأمانة حديث الشارع وتساؤلاته إلى الجهات المختصة التي لن تستطيع مواجهة تقصيرها أو الاختباء وراء ستار الأزمة وإقناع الرأي العام ببراءتها من مسؤولية تعطيل مصالحهم وإلحاق الضرر المادي بهم .

وطبعا حالة  الإجماع على خطورة تداعيات هذا القرار الذي كان مفاجئاً لكل شرائح المجتمع السوري فنسبة الزيادة وخصوصاً للمدعوم غير متوقعة ووصلت لحدود 130 % بالنسبة للبنزين المدعوم وهذا ما يؤكد أن معالجة عجز وزارة النفط من خلال رفع سعر البنزين لم تكن صحيحة وهناك طرق أنجح للمعالجة مثل ترشيد استهلاك مادة البنزين بدلاً من رفع سعرها إذ إن ترشيد الاستهلاك للقطاع العام بكل مفاصله سيحقق وفراً بشكل أكبر لخزينة الدولة مما ستحققه الحكومة بهذه القفزة لسعر البنزين غير المتوقعة التي أدت إلى رفع أسعار وسائل النقل العاملة على البنزين كالتكاسي التي عدلت أسعارها ورفعتها بنسبة تجاوزت 100 بالمئة إضافة إلى أن رفع سعر البنزين سيطول ليس وسائل النقل التي تنقل الركاب فقط إنما التي تنقل البضائع ضمن المحافظة الواحدة وبين المحافظات.

وكما قلنا في البداية نحن لا ننتقد قرار بل نعرض النتائج و نقيّم الحالة التي نراها متطابقة مع مقولة (مقسوم لاتقسم وصحيح لا تأكل وكول لتشبع ) .فهل سيتم وضع هذا القرار على سكة التنفيذ الصحيح بحيث يتم تثبيت أسعار المواد في السوق وتشديد الرقابة على الأسعار من وزارة التجارة الداخلية بعد رفع سعر البنزين كي لا يتم استغلال هذا الرفع من بعض التجار. أم تستمر حالة وضع العصي في العجلات بخسائرها المادية والمعنوية المشتركة مابين المواطن والمؤسسات الحكومية وبشكل يشرعن ويبرر استخدامنا لعبارة (فرمان).