مسؤولون أوروبيون يحذّرون من مغبّة الاستمرار في السياسة الحالية مع موسكو
البعث- تقارير
كل المؤشرات والمعطيات القادمة من أوروبا، سواء أكانت من داخل منظومة الاتحاد أم من خارجه، تشير إشارة واضحة إلى أن مستقبل القارة في ظل الظروف الحالية سيكون معتماً، وذلك بالقياس إلى مجموعة الأزمات التي بدأت بالظهور على خلفية السياسات الغربية الخاطئة وخاصة فيما يتعلّق بالعلاقة مع روسيا، الحامل الأساسي للطاقة في هذه القارة، فبعد سيل من التحذيرات التي أطلقها عدة مسؤولين أوروبيين سابقين وحاليين من حالة الركود الاقتصادي التي سيقود إليها التضخم الحاصل في أسعار الوقود والسلع، فضلاً عن إبداء بعض الدول رغبتها في الخروج من الاتحاد أو رفضها الانضمام إليه، جاء حديث واضح الآن من الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش الذي أعلن رفض بلاده الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، حيث قال: إنه إذا نُظّم استفتاءٌ على عضوية صربيا في الاتحاد الأوروبي الآن فإن مواطني بلاده سيصوّتون ضدّه بسبب المعايير المزدوجة للغرب بشأن كوسوفو وأوكرانيا.
ونقلت وكالة نوفوستي عن فوتشيتش قوله في مؤتمر صحفي اليوم: إن هناك العديد من الأسباب لهذا الرفض، وأحدها أن كل شخص لديه الآن فم مليء بوحدة الأراضي الأوكرانية، لكن عندما يدور الحديث عن وحدة الأراضي الصربية فيتم تدميرها، وهذا النفاق لا يمكن للناس في صربيا قبوله.
وكان الرئيس الصربي أعرب عن قلقه من تزويد الولايات المتحدة لكوسوفو ودول البلقان الأخرى بالأسلحة والمعدات والتكنولوجيا.
كلام رئيس صربيا هذا ليس غريباً في ظل أوضاع سيئة تعيشها القارة بمجملها على خلفية الحرب في أوكرانيا وموقف القارة السياسي منها، حيث يصرّ القادة الأوروبيون على تفضيل السير خلف أحقادهم إزاء روسيا على مصلحة بلادهم العليا التي تقتضي تأمين المواد الأولية لتوليد الكهرباء وتشغيل المصانع، وهي الأشياء التي يتخذها هؤلاء عنواناً لحربهم الخاسرة ضدّ موسكو التي وللمفارقة تحقّق أعلى درجات النموّ في ظل العقوبات المفروضة عليها.
ومن هنا، حذر رئيس الحكومة التشيكي السابق ييرجي باروبيك من أن عدم معالجة أزمة الطاقة الحالية في أوروبا سيؤدّي إلى تغييرات سياسية كبيرة تنتهي بحالة فوضى.
وقال باروبيك في حديث لموقع أوراق برلمانية الإلكتروني اليوم: “إن حل هذه الأزمة يكمن في العمل على إنهاء الحرب في أوكرانيا فوراً، وأن الغرب يتحمّل مسؤولية كبيرة عما يجري في هذا البلد”، موضحاً أن إصرار حلف شمال الأطلسي الناتو على توسعه باتجاه أوكرانيا هو أحد الأسباب الرئيسية لوقوع الحرب، وأن العقوبات الغربية على روسيا تخلق المشكلات لأوروبا أكثر منها لروسيا.
ولفت إلى أن نسبة التضخم المرتفعة السائدة الآن في دول الاتحاد الأوروبي وتراجع مستويات المعيشة فيها ستكون مشكلات ثانوية مقارنة بالوضع الذي سيحدث حال قرّرت روسيا إيقاف صادراتها تماماً من “الغاز والنفط والوقود النووي” إلى أوروبا.
وضمن كل هذه المعطيات، هل يمكن لأحد أن يصدّق إلى الآن أن القادة الأوروبيين ليس لديهم مستشارون ومحللون يوضحون لهم حجم الدمار الذي يقودون بلادهم إليه، وخاصة بعد ظهور حركاتٍ واحتجاجات في الشارع الأوروبي على خلفية التضخم وفواتير الطاقة المرتفعة، وغيرها من المشكلات الناتجة مباشرة عن السياسة الأوروبية الخاطئة تجاه موسكو.
أغلب الظن أن هؤلاء القادة يدركون ذلك، ولكنهم لا يستطيعون الإعلان عنه لأنهم محكومون فعلاً من اللوبيات التي أشرفت على إيصالهم إلى مناصبهم، وبالتالي هم لا يملكون قرارهم.
طلال ياسر الزعبي