ثقافة

أدب النصيحة التعاون … هذا السر والسحر !

من البداية تظهر كلمة (تعاون) حلوة!، ومن البداية أيضاً نستطيع القول إن كلمة (التعاون) الأقوى، ذلك أنها عامة وفي الوقت نفسه معرفة، وليست خاصة أو نكرة!. فما بالك إذا كان هذا التعاون جماعياً، وعلى الحق والحقيقة، بل وأكثر من ذلك، هدفاً جماعياً وعاماً ودائماً؟!. إنها إذن الحياة التي نسير إليها، نتمناها ونعمل من أجلها، لأنها الدواء والعلاج لكل مشاكل الإنسان والإنسانية ولكل معاناتنا وأدواتنا. ولكن ماهو هذا التعاون الذي أحببناه وندعو إليه ونسترسل في شرحه؟! هل هو الذي بين الدول؟!. هذا ممكن وهو تعاون كبير والإيجابية فيه عامة وتنتشر يوماً بعد يوم، وخاصة في تبادل المصالح الخاصة والعامة، وبكل أنواعها ولصالح شعوبها ولا غير، ومن المؤكد أن تبادل المصالح بين الشعوب سيؤدي حتماً إلى ارتياح عالمي عام وإلى تلبية لكل الحاجات التي يمكن أن يحتاجها أي شعب من الشعوب، وهي تلبية قانونية ومتفق عليها وتساند وتساعد كل الشعوب وبالتالي كل الأقاليم ثم كل المدن، ثم كل الأرياف، ثم كل القرى ثم كل الأفراد، وفي كل مكان من هذه الدول المتعاونة فيما بينها تعاوناً إيجابياً ويشمل ذلك كل الدول في هذا العالم الكبير الصغير!..
إنها إذن الإيجابية في التعاون فهل هناك تعاون سلبي؟! نعم!.. يوجد هناك تعاون سلبي، نقول هذا مع بالغ الأسف بل وبحزن لا ينتهي!. ولكن في الوقت نفسه، ومن حسن الحظ ونقاء الإنسان والإنسانية وقوة الوجدان عند هذا الإنسان والإنسانية، فإن هذا التعاون السلبي غالباً ما يكون خفياً أو ملتبساً لكي يختفي أكثر، أو مدعياً غاية بيضاء، وهو كذلك محدود الطريق وعر المسالك، ومحاط بالحب الذي يكشفه ويكشف خطره وقذارته دائماً!.
نعم!.. فالتعاون له عيون كاشفة إذن! . والتعاون حب أيضاً!. وكل حب فيه تعاون، بل وفيه تضحيات وتنازلات تكاد لا تُصدق، بل يكاد لا يُصدَّق أن كل هذه التضحيات والتنازلات إنما تحدث بحب أيضاً!. فما بالك إذا ذكرنا الأمومة، وهي تشفير إلهي عند المرأة أفليس الحب تعاوناً.. والزواج والإنجاب وتربية الأبناء وحبهم وأن تقدم لهم كل ما يحتاجونه.. أليس كل ذلك تعاوناً؟! والقوانين البشرية الوضعية أفليست هي الأخرى تعاوناً، ولولاها لانتشر المجرمون والجرائم وتضاعفت أعدادهم وأعدادها عشرات المرات؟! فكيف أحفر كلمة (التعاون) في ذهني وذهن القارئ وأذهان الجميع وكذلك سياسات التعاون، وعادات التعاون وأخلاق التعاون، وخاصة وأننا لا حياة لنا ولا حب ولا أبناء ولا عمل ولا طموح ولا دراسة ولا أجيال ومستقبل بدون هذا التعاون؟!
انظروا الآن إلى هذا التعاون في الطبيعة ما أحلاه!. الليل والقمر ثم الصبح والشمس والنهار ثم المغيب المسترسل الجميل مثل النهايات الحلوة والسعيدة لحكاياتنا.. هذه الحكايات التي كنا ننام عليها ونحن أطفال.. أليس هذا تعاوناً أيضاً والحكايات التي تقرأ اليوم أو نسمع أو نشاهد أليس هذا تعاوناً؟ انظروا إلى التعاون النسائي هذا الحرص النسائي، وفي كل أمر وفي كل شيء، حتى في استخدامهن للمياه في المنزل، بينما الرجل إذا أراد أن يحلق ذقنه فإنه غالباً ما يترك الماء يجري من الصنبور طوال مدة حلاقته لذقنه، والماء حياة لكل المخلوقات كما نعلم! وانظروا إلى الشجر الذي لا يتكلم ولا يتحرك من مكانه، وهو مع ذلك ينجب ويزهر ويثمر!. هل نسينا غبار الطلع، وكيف تنفثه الشجرة الذكر في الهواء ليطير إلى الشجرة الأنثى لكي تنجب أو كما في لغة الحب عند الشجر، لكي تثمر! والمريض إذا ذهب إلى الطبيب، والطبيب إذا عاين المريض والصيدلي الذي ينتظرنا لكي يبيعنا الدواء الشافي فهل تنتهي قوائم التعاون في حياتنا وفي كل مجالات حياتنا.!. وهي التي بلا حدود!.. وهكذا تكون النصيحة اليوم أن نلجأ إلى هذا العمل الإنساني الحميم والجميل ألا وهو التعاون، وهو الطبيعي أصلاً، فنؤكد عليه ونعتاده في كل مجالات حياتنا أكثر وأكثر، دولياً وشعبياً وجماعات وأفراداً. وليس في كل ما يمكن أن يفيدنا ويمنع الأضرار عنا أو نجني منه الأرباح ونتفادى الخسائر وحسب، وإنما في كل ما نجده يحل مشاكلنا الوجدانية والإنسانية التي (يعاني منها الآخرون) فنرتاح نحن حين نقوم بهذا التعاون من أجلهم والذي هو كذلك، حب وعلاج لنا، وجداني وإنساني ومفتوح وبلا حدود أيضاً، وهو أكثر ما يكرهه لنا ولغيرنا أعداؤنا وأعداء الشعوب!.

أكرم شريم