اقتصادتتمات الاولى

ادّخار الذهب يلعب دوراً بعودة الاستقرار لسعر الصرف جزماتــي: الارتفاع الأخير للدولار وهمي.. خضــر: تراجع مؤشرات الثقة بالدولار

أغلب الظن أن الذهب بدا خصماً لدوداً للدولار إثر توجّه معظم السوريين إلى ادخار الأول، وخذلان الثاني من شريحة لا بأس بها بعد أن حلّق سعر صرفه إلى حدود 350 ليرة سورية العام الفائت، وليهبط إلى حدود 150 ليرة، لكن الأخضر عاد إلى الواجهة خلال الأسابيع الماضية في محاولة من مروّجيه للإفلات من زمام السيطرة والصعود مجدّداً، إلا أنه عاود الانخفاض تدريجياً مرة أخرى، ويرى بعض المراقبين أن للذهب دوراً في ذلك، نظراً لإقبال السوريين عليه وثقتهم به أكثر رغم الارتفاع الذي شهدته أسعار الأونصة مؤخراً على الصعيد العالمي.

ارتفاع وهمي
غسان جزماتي رئيس جمعية الصاغة في دمشق أكد أن الارتفاع الأخير لسعر الصرف هو ارتفاع وهمي، ناتج بالدرجة الأولى عن تلاعب بعض المنتفعين من التجار، بدليل أنه بدأ بالانخفاض إلى حدوده الطبيعية، مشيراً في تصريح خاص لـ”البعث” إلى أن كثيراً من شركات الصرافة لم تشهد إقبالاً كبيراً على شراء الدولار، معتبراً أن الذهب لعب دوراً في هذا الخصوص، نتيجة زيادة ثقة المدّخر به بدلاً من الدولار.

الأصل الذهبي
من جهته يرى الخبير الاقتصادي الدكتور قيس خضر أن وضع المدّخرات في الأصل الذهبي يحافظ على قيمتها، لكونه أقل هشاشة وأكثر صلابة في مواجهة الأزمات، لأنه يرتبط بالمرسى العالمي للقيم أكثر من الليرة السورية التي ترتبط بمستندات متحرّكة للاقتصاد السوري، مضيفاً في تصريح خاص لـ”البعث”: إن المدّخر السوري وجد نفسه بين كتلتين الأولى محلية وهي الليرة وقد فقدت نسبة كبيرة من قيمتها، والثانية هي الدولار الأمريكي الذي تعرّض إلى ضغوط نفسية مؤخراً أحالت الطَّرْف عنه، فكان الاتجاه نحو الذهب بديلاً معقولاً، وتزايد هذا الاتجاه مع طرح العملات الذهبية السورية (الليرة ونصف الليرة).

تنافسية
وبيّن خضر أن الذهب والدولار سلعتان تنافسيتان، أي إن الطلب على إحداهما سيؤدي إلى انخفاض الطلب على الأخرى، هذه هي القاعدة العامة، لكن الاقتصاد الأمريكي حالياً وخاصة ما يتعلق بقطاع التجارة الخارجية والوضع الداخلي له، أظهر بعض التراجع بأدائه، ولاسيما أمام الظهور الصيني ومجموعة بريكس، ما أدّى بالتالي إلى تراجع بعض مؤشرات الثقة بالدولار، وهذا الأمر أدّى بالنتيجة إلى تظهير الذهب كبديل مباشر للدولار.
قوّة خفية
وأضاف خضر: ليس من السهولة بمكان القول: إن الذهب قد يحافظ فترة طويلة على مكانته، والتنبّؤ بأنه سوف يبقيه مدى طويلاً سيّد الموقف عالمياً على حساب الدولار، لأن الدولار لديه قوة سياسية وعسكرية في الخفاء لن تتنازل عنه بسهولة، فهذه العملية تدار طبقاً لما يعرف عالمياً بحرب العملات، التي تقف وراء هذا المشهد، ولا ينبغي الوقوف والنظر إليها بسطحية.

استغلال الظرف
يبدو أن هناك مؤشرات على انحسار أهمية الدولار لدى المواطن السوري أو على الأقل شريحة مهمة منه، بعد أن كان هدفاً رئيساً للحفاظ على قيمة الثروة، وهذا يحتّم على صانعي القرار النقدي استغلال هذا الظرف، وإعادة التوازن إلى سوق النقد، من خلال اجتثاث رموزها من المتلاعبين بقوت البلاد والعباد.

دمشق – حسن النابلسي