ثقافة

تشبيهات ومتشابهات

كأن قضايانا الثقافية أصيبت هي الأخرى بعدوى جنون البقر، ما عادت مستقرة، ولا قادرة على الظهور في النور، وأعتقد أنها أصيبت بمرض التشبيه، هذا المرض البسيط العادي، الذي لم يوله الطب ما يكفي من الاهتمام، لا لأنه غير ملحوظ، إنما لأن العلم الموقر اعتبره حالاً طبيعية لكل من حمل ستين حولاً على ظهره، ومشى في بحر السبعين.. والدليل على جنون ثقافتنا الراهنة يظهر في اختلاط الحابل بالنابل حول معنى القيم ودورها في إرشاد التائهين والضائعين والعودة بهم إلى منبر الوعي المفقود.
وأعراض هذا المرض مبكية مضحكة، هي غير موجعة بمعنى الوجع، ولا مؤذية بمعنى الإيذاء، غير أنها في كثير من الأحوال تشبه مقلباً نصنعه بأيدينا، لنلعن إبليس ونضع على هذا المكب كل خطايانا البريئة والمدنسة، وكيف يتأسف الإنسان لامرئ  دنا واقترب منه باشاً ضاحكاً، وربما قبّل وجنته؟ هل يستنكر قائلاً: ذكرني بحضرتك.. أم يلجأ إلى ادعاءات التشبيه قائلاً: غيبتك طويلة يا رجل.. وتكون النتيجة حفل تعارف متواضع، يكشف الغطاء عن سنوات ماضيات.. وهذا المثال لا يقارب مؤشرات تبني منزلها بين الشكل والموضوع، كأن تنسى مغزى الكلام العدائي للأميركية آشتون، وتقول هي تشبه خالتي أو جارتها ومن ثم تستمر في وصف الوجنة المنكبة والحنك الكبير وسمات لا تدل إلا على المكر والخداع والخبث.
على ذكر التشبيه، ولأننا نسبح في بحره، سوف أشابه بين نازيين عنصروا العالم باتفاقات معلنة وسرية، استفاد اليهود منها إفادات صنعت هذه الثكنة العسكرية في فلسطين، وبين دينيين اقترفوا ويقترفون مجازر، فاقت إرهاب النازية بشاعة ووحشية وعنصرية، وذلك بترتيبات دولية إعلامية سينمائية، حيدت المعنى في ثقافة التراث وفق متشابهات أفادت الصهاينة أكثر مما أفادهم هتلر في محارق اللعبة..
وأتساءل، وأنا أعلم أن كل الأجوبة عما دار ويدور ويجري في سورية يتمم دور النازية الصهيونية في تعزيز أركان أمن إسرائيل ويحكم سيطرتها على أقانيم مفككة، يسهل تدميرها بشتى أنواع القتل والفتك والخراب، قلت أتساءل: كم نحتاج من الأوقات والأوزان والحجوم ومقاييس الأطوال لنعرف أن الجريمة التي نالت من سورية ومن الشعب السوري فاقت كل جرائم النازية تدبيراً ونفاقاً ووحشية ودموية.. وما زالوا يتجاهلون هذا التشابه ولا يريدون أبسط مشابهة، ويفضلون البكاء على أموات اليهود وهم يقتلون الأحياء منا..
علي ديبة