محليات

“اختراقات تربويّة”

طالما شكّل موعد صدور نتائج الشهادات الإعدادية والثانوية عند “مروان” أيام زمان فرصة استثمارية دسمة تقوم على شراء قوائم الناجحين من مديرية التربية في محافظته قبل موعدها بيوم أو يومين، ويهرع لبيع الأسماء في صورة تجسّد مشهداً كرنفالياً سنوياً لطوابير الناس الذين يلحقون به وبمساعديه لمعرفة النتائج مقابل تسديد المعلوم الذي يأتي على شكل إكرامية وبدل أتعاب أو ما يشبه “التحلاية” بهذه المناسبة التي يلهث وراءها الطالب وذووه، ولو كان الثمن حصة الأولاد من بيض الدجاجة أو حليب البقرة و”مطربانات المكدوس والشنكليش” أو “أم الطربوش” عند الميسورين، ولهذا كانت الأولوية لهؤلاء في البشرى. أما فقراء الحال فإنهم ينتظرون تحرّك مدير المدرسة بعد أيام لإحضار القوائم من المدينة؟!.
عبر عقود كان العرف هكذا، متاجرة علنية بمصير أجيال بأكملها يقوم بها أناس لا يمتّون إلى العلم والشهادات بصلة، فأغلب الناشطين ببيع حلم النجاح كانوا فاشلين دراسياً ويقدّمون أنفسهم على أنّهم مسكونون بمستقبل الشباب، في حين لا يتعدّون كونهم عاطلين “بطّالين” يستجمعون الناس حولهم في مناسبات كهذه، ولم تتلاشَ هذه الطقوس حتى عندما جاءت شبكات الاتصال الإلكتروني بهدف قطع الطريق على تاريخ من الفساد الذي كان أبطاله باعة غير منضبطين، وموظفين شركاء في تسريب النتائج، وعلى آمال إغلاق ملف هذه السلوكيات بأدوات تقنية حديثة تأتيك الممارسات التي تقوم بها مفاصل من مستويات ما في وزارة التربية ومديرياتها في المحافظات لتذكّرنا بأرشيف غير نظيف من أمثال “مروان” وأشباهه في قرى وحارات البلد؟!.
الجديد الذي حصل في نتائج امتحانات الشهادة الإعدادية بالأمس أن عناصر عادية من داخل الغرف المغلقة قامت بتسريب نتائج العديد من الطلبة بشكل مخالف منذ يومي الخميس والجمعة، رغم أن الوزارة أعلنت أن المؤتمر الصحفي لإعلان النتائج هو السبت الساعة الثانية ظهراً كما يقول بيان “التربية” المعمّم، في الوقت الذي طالعتنا فيه إحدى الصحف المحلية بتصريح لوزير التربية نفسه يعلن فيه نسب النجاح والرسوب في اليوم نفسه للإعلان الرسمي وقبل حوالى ساعات من الصدور الرسمي!.
أمام إلحاح و”نقّ” الأهالي وتحريك معارفهم لمعرفة النتائج والاطمئنان على علاماتهم، ثمة من يرى مبرراً في السعي حتى لو كان مخالفاً فالغاية عند ذوي الطالب تبرّر الوسيلة،  فالمشكلة ليست هنا بل بمن خان ضميره المهني وأخلاقيات العمل واستجاب لمغريات الاتصالات وحسب حساباً لطلبات ذوي الشأن، في حين يبقى الطالب “غير المحسوب” منتظراً رحمة الوقت وصانعيه.
ومع إصرار المديرين وأصحاب القرار على عدم الاستجابة وتمرير اسم واحد “كما حصل مع زميلنا”، كان الاختراق على أشدّه عند صغار الموظفي.؟!.
هو الاعوجاج نفسه عند مروان من قبل وأحفاده من التقنيين الجدد في قطاع التربية، فهل يستقيم الخط في إدارة نتائج الامتحانات؟.
علي بلال قاسم