اقتصاد

نقطة ساخنة “ميكانيزم” للصرف.. أحدث

حضور المصرف المركزي خلال عطلة العيد الطويلة هو في غاية الأهمية لمواجهة المضاربين بالعملات الذين يتجهّزون في الخفاء –كما في كل مناسبة– ليرفعوا من سعر صرف القطع الأجنبي، ومن ثمّ نفاجأ بحصول زيادة في أسعار السلع كافة بعد العطلة مباشرة دون أي مبرر اقتصادي أو مالي يستند إليه؟!.
هذه المرة، نيّات “المركزي” واضحة للتدخل مهما كان شكل التدخل (علنياً أو سرياً) وكيفما كان الأسلوب!، ونعتقد “كمتابعين” أن سعر صرف دولار “السوداء” سيبقى محافظاً على مستوياته بين 190 و198 ليرة، إن التزم “المركزي” بتعهّده وظل صاحياً للمتاجرين بقوت الناس، ولابد أن يتم ذلك من خلال دراسات حقيقية، وليس من قبيل تأكيد توافر المرونة لأن سوق الصرف حساسة للغاية، وإدارتها تحتاج إلى قدر كبير من المصداقية وسرعة التحرّك والجرأة في اتخاذ القرار، وهو ما يفترض العمل به خلال المرحلة المقبلة.
وما تم إقراره من تفعيل للمرونة التي يتضمّنها نظام سعر الصرف أعطى مفعولاً إيجابياً في المراحل السابقة من حيث التدخل السريع من السلطات النقدية بخفض أو رفع السعر المركزي عندما تقتضي الضرورة.
لكن بالمقابل، على السلطات النقدية تغيير سياساتها التدخلية في المرحلة المقبلة، بالعمل على التدخل في السوق من خلال “ميكانيزم” جديد، حيث يضخ “المركزي” ما يرى ضرورة ضخّه في السوق، وليس حسب طلب شركة الصرافة، لأن التجربة السابقة أكدت أن تغطية جميع الطلبات أدّت إلى تسرّب جزء كبير من هذه الموارد إلى أيدي المضاربين.
لا شك أن تدخلات “المركزي” المتتالية خلال الشهر الفائت امتصّت الأثر النفسي بالتقليل من مخاوف ممتلكي الليرة، حصول تراجع في قيمتها الشرائية، لذلك على المصرف اتباع هذه السياسات النقدية المجدية والناجعة حتى لا يصبح الدولار مخزناً للقيمة -كما هو الآن ومنذ زمن طويل في لبنان، وبسبب الأحداث والاضطرابات الأخيرة في مصر– وهذا يتطلب تفعيلاً صحيحاً لآلية سعر الصرف، يُشْعِر حائز الدولار بأن ما باعه من نقد أجنبي يمكنه الحصول عليه مجدداً من شركات الصرافة والمصارف بسعر السوق العادل، وليس بسعر المضاربة، ومن هنا فإن مستخدم الدولار لن يأبه للسعر إذا توافرت له الموارد‏، وما دامت السوق حرة والسعر متحركاً بآلية مناسبة ومتفاعلة مع حركة العرض والطلب الحقيقي‏.‏
قد يدهش بعضهم، إذا ما عرفوا -حقيقة يدركها المراقبون للمضاربات بالعملات- أن حجم الدولارات التي أدّت إلى هذا الارتفاع العشوائي للدولار بالسوق السوداء في الآونة الأخيرة، لا يزيد على نصف مليون دولار تتحرّك في صفقات وهمية للتأثير في السعر والهدف تحقيق أرباح للمضاربين‏؟!.
إذاً استمرار “المركزي” خلال العطل -وخصوصاً الطويلة- في إجراءاته التدخلية في سوق صرف العملات الأجنبية سيلجم ارتفاعات سعر الصرف ويضع حدّاً لها، ومن يراهن على انهيار العملة السورية واهم، لأن الليرة السورية متينة وقادرة على الصمود والاستمرار بشكل كامل.
سامر حلاس
Samer_hl@yahoo.com