اقتصاد

انتبهوا لمؤشر “الظل”؟!

قبل الأزمة كانت الإحصاءات الرسمية تشير إلى أن اقتصاد الظل يشكل ما بين 40 إلى 50% من حجم الاقتصاد السوري، والآن ودون اللجوء إلى أي مراكز بحثية تجاوز 70%، والحكومة لم تصل بعدُ إلى صيغة قانونية مناسبة تنظم هذا الاقتصاد ليسهم في دعم خزينة الدولة، في فترات نحن بأمس الحاجة فيها إلى الإيرادات الضريبية الضخمة العائدة من “ظل” أخفى رجال أعمال أثروا ثراءً فاحشاً في بضع سنوات.
والجميع بانتظار ما سرّبته جهات عامة خلال العام الماضي، من عزم الحكومة على تهيئة البيئة الإدارية والتشريعية المناسبة لتنظيم اقتصاد الظل، وتحديد أسباب انتشاره وحجمه في كل قطاع، ووضع القوانين وتخفيف الإجراءات التي تعيق نقله إلى اقتصاد نظامي يسهم في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
للأسف، نقولها وبكل ثقة: لم تكن يوماً، أي حكومة تولّت المسؤولية، جادة كل الجدّ في تنظيم هذا الاقتصاد ودمجه بشكل تام تحت مظلة القطاع الاقتصادي الرسمي!، رغم أن الإيرادات الضريبية التي ستجنى كبيرة، توازي الإيرادات الواردة من الصادرات (غير النفطية) -إن لم تكن أعلى منها- وهي أكثر بضعفين إلى ثلاثة أضعاف من حجم الضرائب العائدة من الاقتصاد النظامي؟!، إضافة إلى جوانب جداً إيجابية وفي غاية الأهمية، في ظل أوضاع يُعدّ فيها تعزيز عامل الثقة بين العاملين في اقتصاد الظل غاية في حدّ ذاتها، على سبيل المثال، والوقت جداً مناسب لإحصاء عدد ورشاته ومنشآته والمحلات والبسطات التي تسوّق منتجاته، وذلك من مبدأ أن الحاجة “للإيرادات” تبرر الوسيلة..
ومن يعتقد أن الوقت غير مناسب لتوعية أرباب عمل “الظل” بضرورة تنظيم أشغالهم، أجزم أنه مخطئ، لأن الخدمات المقدّمة لهم بدأت بالتردّي، وبالتالي إقناعهم أنه بمجرد تنظيم أعمالهم ستتحسّن خدمات الدولة المقدّمة لهم، وفي هذا فائدة لهم وللدولة في آن معاً.
ونظراً للظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد، وبناءً على قوانين اقتصاد الحروب المتداولة والرائجة عالمياً، نرى أن الحزم والقوانين المانعة للعمل بالخفاء، هي الواجبة التطبيق لإدخال اقتصاد بات رئيسياً، والاستمرار بتركه يغرّد خارج السرب يعني هدراً أكبر للاقتصاد الوطني، وفتح الباب على مصراعيه للغنى الفاحش، وبالمقابل للفقر المدقع.
ما نريد قوله باختصار، أن مشكلات اقتصاد “الظل” في ظل الأزمة تجاوزت حدود الجانب الاقتصادي إلى جوانب أخرى، صحية واجتماعية وبيئية، وفوائد تنظيمه توازي من حيث القيمة والمستوى بقاءه سائباً.
سامر حلاس
Samer_hl@yahoo.com