تتمات الاولىمحليات

زيت الزيتون.. أسعار كاوية تكشف الوهن التسويقي والتهاون المؤسّساتي في حماية الإنتاج من الاحتكار

انعكست تبعات التهاون المؤسساتي في التعاطي مع مادة زيت الزيتون على المزارع والمستهلك معاً في هذا الموسم المتراجع إنتاجياً، ويبدو أن الجهات المعنية انشغلت خلال الموسم الماضي وما سبقه في تسويق خططها الورقية المكدّسة بعد استنفاد الترويج لها إعلامياً دون أن تبصر النور، بدليل تمكّن تجار السوق السوداء من احتكار الكمية الأكبر وطرحها في السوق بأسعار كاوية، حيث يقارب سعر الصفيحة (18) ألف ليرة في محافظة اللاذقية التي تعتبر منطقة زراعة زيتون بامتياز لجهة المساحة المزروعة وعدد الأشجار الذي يتخطى (10) ملايين شجرة منها (9) ملايين شجرة مثمرة، وبمساحة إجمالية قدرها (50) ألف هكتار، وما يدعو إلى الاستغراب أن إنتاج الزيتون الذي تشتغل به أكثر من (40) ألف أسرة، لا يجد حاضنة تسويقية تكفل حمايته من الاحتكار وتوفره بأسعار ملائمة للمنتج والمستهلك، بل على النقيض من ذلك سرعان ما أصبح زيت الزيتون مادة مفقودة يتعذر توفيرها لشدّة الطلب عليها ودخولها المفاجئ في معادلة العرض والطلب، وبعد أن وقعت في شرانق اللعبة الاحتكارية وكشفت المؤشرات السعرية الجنونية المستجدّة عقم فعالية الخطط التسويقية، وهذا ينذر بآثار سلبية فادحة تطول الأغلبية العظمى من المنتجين والمستهلكين، لأن التجار الاحتكاريين استغلوا ضعف ووهن حلقات التسويق خلال المواسم السابقة، ما حال دون تصريف الفائض في أسواق المناطق التي لا تنتشر فيها زراعة الزيتون، وأمام هذه المعطيات التسويقية المخيّبة للآمال، بات المزارعون والمنتجون والمستهلكون أمام خسارة اقتصادية لأن عملية التسويق خاسرة ولا ريعية ترتجى منها، وهنا نؤكد ضرورة إيلاء هذا المحصول الأساسي الجدّية والاهتمام من الجهات الحكومية والاقتصادية والوصائية، لأن زراعة الزيتون تمسّ لقمة عيش عشرات آلاف الأسر التي تعتمد عليها كمورد اقتصادي في حياتها.
ولكي ندخل في الحل المستدام والناجع لهذه المشكلة الاجتماعية والاقتصادية في آن معاً، بات جلياً أن المحصول الزراعي الذي تعود حصريته لمؤسسة تتبنّاه من أرض الزراعة حتى نافذة التصدير، يتمايز كثيراً وبعيداً عن غيره من المحاصيل التي يكون لكل حلقة من دورة زراعتها وإنتاجها وتسويقها جهة تختلف عن التي قبلها، حيث تتشعّب وتتعقّد مسارات إنتاجية المحصول المجرّد من العائدية الحصرية، وبالتالي لا يمكن بالمطلق المقارنة بين القيمة الاقتصادية المضافة المحققة في محاصيل كالقمح والتبغ والقطن ومثيلاتها من المحاصيل (البالغة الأهمية الغذائية والاقتصادية) كمحصول الزيتون الذي يفتقر إلى مؤسسة تتبنّى كامل حلقات زراعته وإنتاجه وقطافه وعصره وتصنيعه وتصديره، وهذا ما يجعل منه محصولاً منقوص القيمة الاقتصادية المضافة المميزة.
اللاذقية – مروان حويجة