ثقافة

نافذة أخرى للحب

سلوى عباس
بدءاً من عمله السينمائي الأول “ليالي ابن آوى” إلى رسائل شفهية” ثم صعود المطر” و”نسيم الروح” و”قمران وزيتونة” مروراً بـ “مايطلبه المستمعون” وخارج التغطية” و”أيام الضجر” وصولاً إلى “مطر أيلول” وفيلمه الأخير “العاشق” الذي عُرض منذ أيام في سينما سيتي بدمشق تتعدد مستويات المشاهدة والقراءة لكل عمل من أعمال المخرج عبد اللطيف عبد الحميد بطريقة تختلف بعمقها عما سبقها من قراءات، ما يكشف عن تجربة سينمائية غنية ومتميزة بموضوعاتها وتقنياتها، حيث يقدم أعماله بلغة سينمائية تفيض بالشاعرية والحس الرومانسي المرهف الذي اعتدنا عليه حتى في أفلامه التسجيلية التي قدمها في بداية تجربته مثل: “أمنيات، أيدينا” ما يجعل هذه الأعمال قريبة من أرواحنا تخاطبها بشفافية وصدق وكأنها تتحدث عن حالة كل واحد منا.
من هنا فقد حققت أفلام عبد الحميد جماهيرية واسعة، ولعل السبب في الصدى الذي تحققه يعود إلى أنه هو المؤلف والمخرج لأفلامه ينطلق من فكرة أنه الأقدر على التعبير عن نفسه وفهم ما يريد، وقد عبّر عن ذلك بقوله: “إنني أستمتع بالكتابة أكثر مما أستمتع بالإخراج”، وبهذا يصبح أهم ما يميز تجربته هو انسجامه مع نفسه، وتركيزه على البعد الإنساني للموضوع الذي يتناوله بكل ما يحمله من مشاعر وعواطف، فالإنسان لديه محور كل قضية يطرحها في إطار البعد الوطني الذي يتقاطع مع أبعاد القضية كلها.
أما الإمتاع فهو المعبّر الرئيسي الذي يعبره المضمون ليتحول إلى شكل فني يتفاعل معه الجمهور والمخرج عبد الحميد لايجد صعوبة في الوصول إلى الناس لأنه يقدم مقولته ببساطة وصدق ويخاطب فيهم تلقيهم بسلبياتهم وإيجابياتهم، حيث تنتمي أفلام عبد الحميد “لسينما الواقع” الذي يشكل منهلاً ثراً للموضوعات التي تتداخل مع أبعاد رمزية تحمل دلالات عميقة منسوجة برؤية فنية جميلة وصادقة، حيث البساطة أسلوب يعتمده عبد الحميد في معظم أفلامه والصراع الذي نراه في أفلامه ليس صراعاً  بين الشخصيات وإنما صراع الشخصيات مع الحياة..
وبما أن الحب هو العقد الناظم لمجمل أعمال عبد اللطيف عبد الحميد، فإنه يمثل النافذة التي يطل منها على الحياة، ما يجعله رحيماً بشخصياته وحنوناً عليها، إذ معظم شخصياته هم ضحايا لظروف مختلفة ومتعددة. لذلك فإن أفلامه مشغولة بالمغامرة المحاطة بنبض القلوب وشفافية الروح يحاول بث النسغ في موجودات الحياة ويعيد لها تألقها ويحاول في كل أفلامه التأكيد على سمو الوطن في داخلنا بعيداً عن الشعارات الفارغة من المعاني الوجودية والروحية الكبيرة، وهذا ما أكدته أحداث فيلم “العاشق” الذي فتح لأرواحنا نافذة أخرى للحب.