ثقافة

“في سورية مرابطون” تحية لكل صامد على أرض الوطن

احتضنت سورية أبناءها على الدوام وأعطتهم من فيئها الكثير ومنحتهم الفخر كونهم سوريين، وحان الوقت لكي يرد أبناؤها الجميل ويدافعون عن حماها، ويعيدوا إليها ألقها ووهجها، وهم وحدهم من سيرفض دعوات الهجرة إلى بلاد توعدهم بتحقيق الأحلام، لكنهم فضلوا ياسمينها على ورود العالم بأسره، وهذا ما ركز عليه الأدباء المشاركون في مهرجان “في سورية مرابطون” الذي أقيم في مجمع دمر الثقافي على مدى يومين بمشاركة نخبة من الشعراء والأدباء الصامدين صمود سورية.
زين الشعر اليوم الأول للمهرجان بمرافقة مقطوعات موسيقية على البيانو عزفها الشاب الموهوب إبراهيم أبو القاسم الذي لم يلبّ إغراءات الهجرة الأوروبية وقرر أن يبقى في وطنه ويتابع السير على نهج أخيه الشهيد الذي ما تزال دماؤه ساخنة ممزوجة بتراب الوطن.

شعر وصمود
ابتدأ المهرجان بشعر للدكتور جهاد بكفلوني الذي ألقى قصيدة فيها من معاني الحب والصمود الكثير:
دمشق قبلتي.. بها إذا ضللت أهتدي.. دمشق نصر دائم…
ما سرّ حسنك يا شآم..قديمه ك جديده.. وازيت في الخلق الوجود جميعه..
وقد أوضح بكفلوني لـ “البعث” أن الورود التي فاح شذاها إنما استمدت أريجها من صمود أبطالنا الذين عاهدوا أنفسهم أن يعيدوا لسورية الأمن الذي كان وجهها المشرق، وهذه الظلمة التي رانت في سماء الوطن لن تفقدنا إيماننا الراسخ بأنها مجرد حالة مؤقتة، فسورية كانت دائماً أرض البطولة والصمود، مشيراً إلى أن قوافل الشهداء والدم الحر يسيل لأننا مصرون أن نترك لأجيالنا وديعة نسلمها إياهم مشرقة ناصعة. واعتبر بكفلوني أن الشعر نبض الحياة وهو الوتر الذي يعكس ما يجري حوله من عوالم رحيبة تصر بأن تكون بلا نهاية وعندما يحمل الشاعر قيثارته ويوقع بها أنغام الصمود، فلأنه طاف بحديقة الشهادة ومرّ ببطولات كل جندي قدم روحه دفاعاً عن عزة سورية وكرامتها.

تعبير عن الانتماء
من جهته أشار د نزار بني المرجة إلى أن هذا المهرجان يأتي في مرحلة شديدة الحساسية والأهمية فنحن بحاجة للصوت الذي يعبر عن التمسك بالجذور والأرض والإنسان، مؤكداً أن القصائد التي قدمت هي محاولة للتعبير عن انتمائنا العميق الذي لن تهزه الأمور العابرة رغم قساوتها، مضيفاً بأنها تعبير عن شعور كل مواطن سوري  بما يجيش في داخله تجاه العدوان الذي يواجه سورية، لافتاً إلى ضرورة إيلائها العناية اللازمة وتكريس القيم النابعة من وجداننا وشعورنا الصادق، تجاه الأرض التي تصنع معجزة الانتصار والقدرة على صنع مستقبل أفضل، وقد شارك بني المرجة بثلاث قصائد ختمها بقصيدة “طائر الرعد” قال في مطلعها:
/من فوق.. من عليائك الزرقاء.. هل رأيت دمي؟ أنا لست (هابيل) الضحية.. لست أنتظر الغراب… كي يواري جثتي …
ويتابع: أنا بعض موت.. كل نبض.. والكثير من الحياة.

حضور أنثوي
وكان في المهرجان حضور لصوت الشعر الأنثوي من خلال الشاعرة فادية غيبور الذي اعتبرت أننا نسينا كل الكلام إلا ذاك الذي  يحرق قلوبنا وضلوعنا، لكننا نرنو إلى الوطن الذي احتضننا ومنحنا الكثير، آملة أننا سنعود أطفالاً نركض في كروم العنب والتين، وفي ربوع كل المحافظات السورية. وقرأت علينا مجموعة من القصائد منها قصيدة مهداة إلى روح الشهيدة وفاء إدريس:
تطفو على دمها الجراح/فتستريح على سرير من غضب/ وتروح تصرخ أو تولول/يا..لثارات العرب/.

للقصة نصيب
وكان للقصة كذلك نصيبها في المهرجان بمشاركة للأديب مالك صقور نائب رئيس اتحاد الكتاب العرب الذي قدم قصته “أبانا الذي في السموات” والتي تشير بشكل قوي وواضح إلى أن الأغنياء الذين امتصوا دم الوطن وهو معافى، هم من تخلوا عنه في أزمته، أما من وقع عليهم حمل الدفاع عنه فهم الفقراء وليس سواهم، حيث راح الفقراء يقدمون أبناءهم قرابين لنصر بلادهم، بينما هجره أغنياؤه لينعموا  بالسلام خارجه، وابتدأ قصته بكلام لمحمود درويش: “آه ياجرحي المكابر.. وطني ليس حقيبة.. وأنا لست مسافر”.

تحية ومهرجان
من جانبها رأت  سوسن رجب، مديرة مجمع دمر الثقافي، أن مهرجان “في سورية مرابطون” هو تحية لكل من لم يستبدل سماء الوطن بمكان آخر، فهو جاء بثلاث كلمات كي يجمع القلوب، وليعبر  ببساطة عن صمود كل من بقي في سورية  ووقف إلى جانبها في وقت جرحها،  مؤكدة أن كلاً من المشاركين يستحق أن تفرد له مساحة أكبر، فهم قامات كبيرة ولهم إنجازاتهم.
لوردا فوزي