ثقافة

“المرأة ودورها في مواجهة الفكر المتطرف”في ندوة عيسى: المرأة في الحروب جائزة ترضية لا أكثر

تنال المرأة القسط الأكبر من آلام الحروب، وكذلك يظهر دورها الفاعل في الأزمات، فتصبح مسؤولة عن توعية جيل كامل وتحصينه، أو ربما قيادته نحو الهلاك، وتحت عنوان “المرأة ودورها في مواجهة الفكر المتطرف” أقامت الجمعية الخيرية للتنمية المستدامة أمس ندوة في مكتبة الأسد شارك فيها د. نهلة عيسى ود. فوزي الشعيبي وأدارتها الأديبة هيلانة عطا الله، تناولت محاور مختلفة عن مدى مساهمة المرأة في زيادة التطرف أو في الحد منه، وقد بدأت الحديث د. نهلة عيسى التي اعتبرت أنه لا دور للمرأة  في مواجهة التطرف في واقعنا الحالي، لأن الدور يفترض إرادة حرة، والحقيقة أن المرأة هي الجزء الأضعف وهي تختار دوراً -إذا أتيح لها أن تنتقي- مما يعرض عليها من أدوار،  ليست إلا واجهة لسلطات ذكورية و لنخب سياسية ودينية.

واجهات زائفة
ولفتت عيسى إلى أن نسب مشاركة المرأة في البرلمان ومواقع القرار لا تعكس حقوقها بقدر ما تعكس استخدام وظيفي لنخب سلطوية فاعلة، فهذه الأرقام لا تعكس واقع المرأة وهي ليست حراكاً اجتماعياً ولا فهماً حقيقياً لإرادة المرأة، بل هي إرادة تجميلية فوقية لإضفاء صفة التحضر على النخب الحاكمة وحتى النخب الدينية، مضيفة أن كل النسب والواجهات لما يسمى وجود المرأة في موقع القرار، هي واجهات زائفة وتمكين المرأة لا يمكن اعتباره حقيقياً إلا إذا كانت  في موقع قرار حقيقي.

هي القربان
وتساءلت عيسى عن سبب عدم وجود دور حقيقي للمرأة، لتجيب بأن المرأة في الحروب هي جائزة ترضية ومكافأة للمنتصرين لا أكثر، وكلما شنت حروب أكثر كلما نزلت المرأة إلى درك أسفل، وللأسف حتى مع تقدم العلم يزداد وضع المرأة تدهوراً وجعلها في موقع التابعة المستسلمة والقائمة برد الفعل لا الفعل، مشيرةً إلى أن المرأة ليست في مواجهة النص الديني بل في مواجه الاجتهاد الديني، فالنص لم يقلل من قيمة المرأة، والتدين الإنساني هو صورة للأعراف الاجتماعية وليس للنصوص، وبينت أن النخب السياسية في إطار تفاعلها مع المؤسسات الدينية تضحي بالمرأة، فحتى في أكثر المجتمعات تقدماً تصبح المرأة هي القربان.

نساء قادرات
ونوهت عيسى إلى أن المجتمعات بدأت أمومية  ولم تكن فيها المرأة أفضل من الرجل بل كانت هي محور الحياة، حيث لم يبدأ الحديث عن الصراعات إلا عندما تحولت المجتمعات إلى ذكورية، مؤكدة أن مؤسسات المجتمع المدني الغربية تهتم بالمرأة في بلداننا وليس بالرجل على الرغم من أن المشكلة هي مشكلة إنسان لأن تلك المجتمعات تعتقد أنها قادرة على اختراق  المرأة باعتبارها الأَضعف  ولأن المرأة تعتبر غربية الميول، وما تمارسه تلك المؤسسات هو أنها تعامل النساء كمستضعفات وليس كنساء قادرات على بناء حياة.
صنع القرار
ورأت عيسى أنه لايمكن مواجهة المرأة للتطرف إلا بتحقيق مجموعة شروط أولها إلغاء تقسيم العمل والتخصص به الذي هو تقسيم اجتماعي وليس طبيعي، وثانيها أن يترافق دور المرأة بالتغيير الاجتماعي، ودعت إلى استغلال الحرب كفرصة سانحة لتتبوأ المرأة مكانتها، فإذا كنا نريد لسورية الغد أن تعكس  قيم المرأة يجب أن نقاتل لتكون المرأة في موقع صنع القرار.

ليسوا متطرفات
من جانبه تناول د. عماد فوزي الشعيبي مجموعة نقاط أعرب فيها أنه من الصعب أن نتحدث عن التطرف في ملكوت العقل الأنثوي، إذ أن الطبيعة المخية للأنثى لا تفسح المجال، أما التطرف في السلوك أو الأفكار -وقلة هم النساء المتطرفات- فهم بالعموم ليسوا متطرفات، الأمر الذي يستطيع المرء أن يبني عليه الاستفادة من طبيعة المخ الأنثوي  الكامن في كلا الجنسين لاستخدامه لمكافحة الميل للتطرف عند الذكور، موضحاً أن القيمة في العقل الأنثوي هي توظيف الأفكار لتحقيق حياة أفضل وسكينة حياتية ووضع معاش أحسن وأعلى درجات إنسانية وأفضل تحقق إنساني اندماجي وائتلافي مع الحياة.

سمات العقل الأنثوي
يرى الشعيبي أن العقل الأنثوي تنتفي فيه الحاجة للتطرف لعدة أسباب، فهو يحترم المقدسات ولكنه يقاربها مع الحياة  ويجعلها مادة لحياة أفضل، كما أنه  لا يتطرف لأنه لا يعترف بالتعدد ويعيش الحياة لا النظرية، والحقيقة عنده تجريدية وليس هناك حقيقة مطلقة، فهو عقل  يبدل حقائقه مع الزمن، وأحد أهم سماته هي تلقي ما لدى الآخرين، لافتاً أنه في لحظات التاريخ العلمي والإنساني الممتد من الفن إلى الأدب، كانت الأنثى هي الخارجة عن النمطية والسائد والمعتاد عليه، وهي التي  تخرق سوار وقلاع التطرف، وحتى في أبشع الحروب نرى سكينة الأنثى أمام كل المتلاطم حولها ومنصة ايجابية لقول كل تفاؤل ولأن الاختلاف في الأفكار يفصلها عن الذات الإنسانية الحاكمة لها، لا يقيم عقلها الأحقاد، ويكون له السبق في نزع مبررات التطرف بالإضافة إلى امتلاكه صفة الحدس فهو يؤمن بالتعايش ولا يعيش في الثنائية المتطرفة بل على التعاون، ولا يتكبر على المعرفة، وختم الشعيبي قائلاً: من هنا إذا اعتمدنا ما لدى العقل الأنثوي  يمكن جعله منهاجاً  للتعليم فإننا نستطيع أن ننتج عالماً بلا تطرف.

لوردا فوزي