الصفحة الاولىصحيفة البعث

ترامب يواصل ابتزاز النظام السعودي

 

 

أعرب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن قلق بلاده من تسييس بعض الدول للوضع في سورية من خلال خلق استفزازات باستخدام الأسلحة الكيميائية الأمر الذي يضرّ بالتسوية السياسية للأزمة، وقال، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الصيني وانغ يي في موسكو أمس، “المواقف الأمريكية متضاربة حول العديد من الملفات الدولية، وخاصة فيما يتعلق بوجود القوات الأمريكية في سورية.. موسكو لم تفهم حتى الآن ما هي أهداف واشنطن في سورية ومختلف المناطق الأخرى وتود الحصول على توضيحات من الولايات المتحدة بهذا الشأن.. وربما يخططون لإقامة “دويلة” ما في الأراضي السورية”.
وأضاف لافروف: موسكو وواشنطن بحاجة إلى الحوار وبوسعهما القيام بالمزيد للقضاء على الإرهاب نهائياً في سورية وتلبية المتطلبات الإنسانية للشعب السوري برمته، وليس فقط للمجموعات التي تدعمها الولايات المتحدة حالياً، وأشار إلى أن الإدارة الأمريكية تتخذ خطوات انتقامية على الصعيد الدولي وتقوم بتحريف كل الاتفاقات الجوهرية التي تمّ التوصل إليها دولياً وأغلبيتها في مجلس الأمن.
من جهته أكد وزير الخارجية الصيني أن بلاده وروسيا متفقتان على الحل السياسي للأزمة في سورية وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي 2254.
وفي طهران، أكد مستشار قائد الثورة الإسلامية الإيرانية للشؤون الدولية علي أكبر ولايتي أن التصريحات العدائية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول تمديد وجود القوات الأمريكية في سورية “عشوائية وفارغة”، وقال، في كلمة له: “إنه منذ أكثر من 7 سنوات شنت أمريكا وحلفاؤها في الكيان الصهيوني والنظام السعودي وغيرهم من الأنظمة حرباً على سورية وحاولوا إسقاطها ولكنهم لم يستطيعوا، وهم اليوم يخرجون من هذا البلد مهزومين”، وأشار إلى أن مزاعم ترامب هذه لم تعد تلقى آذاناً صاغية من أحد، مشدداً على أن محور المقاومة يقف بكل ثبات في مواجهة القوى المعادية ولن يسمح لأحد بالتدخل في شؤونه.
من جانبه، أكد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أن ترامب مستمر في ابتزازه للنظام السعودي، مشيراً إلى أنه يحاول ذلك عبر استغلال الوضع في سورية، وقال، في تغريدة على موقع تويتر للتواصل الاجتماعي، “إن البقرة ما زالت تحلب دون نقصان.. وقد أصبح واضحاً اليوم أن ترامب يطلب من ممولي تنظيم “داعش” 4 مليارات أخرى مقابل تكاليف بقاء القوات الأمريكية في سورية”، لافتاً إلى أن هذا البقاء سيكون عاملاً مؤخّراً للانتصار على الإرهاب.
وكان ترامب ساوم النظام السعودي على مدى الأيام الماضية على دفع فاتورة إبقاء قواته، التي تحتل أجزاء من الأراضي السورية، بعد أن أعلن أنه سيسحبها، بينما طلب ولي عهد النظام السعودي محمد بن سلمان الإبقاء عليها، وذلك استكمالاً للدور السعودي في دعم وتمويل الإرهاب في سورية.
وأعرب ترامب، خلال اجتماع واسع مع مسؤولين رفيعين في إدارته، عن امتعاضه من حجم الأموال الأمريكية التي تنفق في المنطقة ولا تعود بالمنفعة للولايات المتحدة، حسب تعبيره، وهاجم مشيخات الخليج، لا سيما السعودية والإمارات، بسبب عدم تقديمها موارد كافية لمحاربة “داعش” في سورية، وقال: إن “الملوك الأغنياء لهذه الدول سيضطرون إلى التخلي عن طائراتهم الخاصة ونمط حياتهم الفخم حال انسحاب أمريكا من المنطقة”، فيما قال الرئيس الأمريكي، خلال محادثاته الهاتفية مع أحد مشايخ الخليج مؤخراً، “إنكم من دوننا ما كنتم لتستمروا في مواقعكم مدة أسبوعين، ولكنتم انتقلتم إلى رحلات تجارية عادية بدل طائراتكم الخاصة”.
وأعرب ترامب، خلال الاجتماع، عن تفاؤله في أن مشيخات الخليج ستدفع مزيداً من الأموال، بما في ذلك 4 مليارات دولار من النظام السعودي.
وفي السياق نفسه، أكد الخبيران الروسيان أليكسي نيتشايف ونيكيتا كوفالينكو، في مقال مشترك نشرته صحيفة “فزغلياد”، “أن إعلان ترامب عن خطة سحب قواته من سورية تسبب بإرباك في وزارة الخارجية الأمريكية وأصبح مفاجأة للبنتاغون. لكن الأهم من ذلك كله هو قلق حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط”، وخاصة النظام السعودي والكيان الصهيوني.
وفي الصدد، يقول البروفيسور في كلية الحقوق بمدرسة الاقتصاد العليا، ألكسندر دومرين، لـ “فزغلياد”: “أولاً، يتأرجح ترامب في الآونة الأخيرة بين جهة وأخرى. وهذا يشير إلى غياب سياسة خارجية في الولايات المتحدة، في المفهوم المتعارف عليه للسياسة؛ ثانياً: يحاول رجل الأعمال ترامب بكل طاقته استثمار بقايا السياسة الخارجية، إذ ينظر ترامب إلى البيت الأبيض كمشروع استثماري، والولايات المتحدة كشركة كبيرة. ومن هذا المنظور يتفاوض مع النظام السعودي: “تريدوننا أن نبقى في سورية.. ادفعوا الثمن. إذا كنتم لا تريدون، فابقوا لوحدكم”، ويضيف: “هذه الازدواجية تدفع إلى التساؤل: هل هذه سياسة ماكرة أم سياسة قصيرة النظر؟، إلى الآن هناك انطباعا بأن ترامب يريد أن يلعب لعبة قصيرة وليس طويلة الأجل”.
من جهته، مدير مركز الشرق الأوسط وآسيا الوسطى للدراسات، سيميون باغداساروف، على يقين من أن ترامب ينظّم عمداً مثل هذا الابتزاز. ويقول لـ “فزغلياد”: “هاتوا المال”.. هذه هو تكتيك التداول النموذجي عند ترامب.