ثقافةصحيفة البعث

دور المكتبات ومراكز المعلومات في الحفاظ على الإرث الثقافي السوري

أقيمت مؤخراً في مكتبة الأسد ندوة بعنوان “إدارة المكتبات ومراكز المعلومات في زمن الأزمات” بالتعاون بين وزارة الثقافة وجمعية المكتبات والوثائق السورية. وعن المساهمة في حفظ الذاكرة الشعبية التي تعتبر المكون الأساسي للتراث الثقافي تحدث د. علي المبيض معاون وزير الثقافة قائلاً: “لا شك في أن المكتبات الوطنية هي منبع ثقافة ومركز للإشعاع، ومكتبة الأسد الوطنية تساهم بحفظ هذه الذاكرة التي تمثل جزءا مهما من الشخصية السورية، ولا شك أن الحفاظ على الشخصية والهوية السورية هو واجب وطني لايخص فقط المؤسسات الرسمية والجهات العامة والوزارات، إنما هو واجب عيني كون إلغاء الشخصية وملامح الهوية هو عداء شخصي لكل مواطن، لذلك ينبغي أن تتعاون وتتضافر جميع جهود المؤسسات الرسمية والمجتمع المحلي للحفاظ على ملامح الشخصية السورية، ومكتبة الأسد هي إحدى الوسائل الحاضنة لهذا التراث”.
وعن دور مكتبة الأسد في خدمة الإرث الثقافي السوري يقول مدير المكتبة الأستاذ إياد مرشد: “مكتبة الأسد خزان ثقافي ومعرفي هام جداً فهي مزود للمعلومات، ونحن لا نقوم بتخزين المعلومات فقط، بل أيضاً نعمل على نشر الثقافة والمعلومات فهناك مجموعة من الإصدارات مثل مجموعة من البيبلوغرافيا الوطنية التي توثق للإنتاج الفكري والثقافي السوري، ومجموعة من الفهارس الخاصة بأطروحات طلاب الماجستير والدكتوراه، وأيضاً فهارس خاصة بالمخطوطات التي تكتنزها مكتبة الأسد وكلها متاحة لخدمة الباحثين”.
تقوم مؤسسات المعلومات النوعية بثلاث وظائف أساسية هي تجميع المعلومات، وتنظيم مصادرها وخدماتها وبالتالي تخضع المكتبة لهذه الوظائف، وفي محاولة سريعة لمعرفة أين تفشل المكتبات ومراكز المعلومات في أداء رسالتها بشكل جيد استعرض د. عيسى العسافين في بحثه الذي جاء بعنوان “إدارة مؤسسات المعلومات في عصر الأزمات” عدة أسباب لذلك منها: إنشاء مكتبات دون دراسة كافية لأسس التنظيم ونظم التشغيل، عدم تحديد الأهداف التي تسعى المكتبة لتحقيقها، عدم كفاءة العاملين، عدم الاهتمام الكافي بمخرجات المكتبات ومراكز المعلومات. ويتابع د. عسافين في حديثه عن إدارة الأزمات حيث اعتبرها تمر بخمس مراحل: الأولى هي الميلاد فالأزمة لا تنشأ من فراغ وإنما هي نتيجة لمشكلة ما لم يتم معالجتها بالشكل الملائم، والمرحلة الثانية هي النمو والاتساع والتي تنشأ نتيجة لعدم معالجة المرحلة الأولى في الوقت المناسب، المرحلة الثالثة هي النضج وتعد من أخطر المراحل وتأتي نتيجة الإهمال، المرحلة الرابعة الانحسار نتيجة للمعالجة التي تم اتخاذها، أما الخامسة فهي الاختفاء وهنا تكون الأزمة قد فقدت كامل قوة الدفع المولدة لها حيث تتلاشى مظاهرها”.
وتؤثر الحروب على الآثار والبنى الثقافية وتعطل جزءاً كبيراً من الحياة الثقافية والأزمة في سورية تنوعت مناطقها وشموليتها والمخاطر المتنوعة التي حصلت فيها على المكتبات والآثار بصورة ممنهجة، وعن أشكال الأضرار الحاصلة خلال الحرب على سورية تحدث د. هاني الخوري من خلال بحثه الذي جاء بعنوان”تحديات المكتبات والمعلومات في عصر الأزمات” حيث قال: كانت الأضرار متنوعة كتهديد بنية المناطق والمدن الأثرية، فقدان الآثار والتنقيبات والمواقع الأثرية بفعل العمليات العسكرية وسرقتها وتهديمها من قبل الإرهابيين، حيث بيع وتهريب آثار وقطع فنية ثمينة بأبخس الأثمان. وطرح الباحث عدداً من المشاريع والمبادرات العلمية لإعادة ترميم التراث السوري واستعادته والتي تشتمل على: وضع خطة وطنية واسعة لتحديد المراكز والمواقع الأثرية المتعرضة للخطر، مساهمة بعثات أثرية دولية لدول مقبولة للعمل في سورية لترميم الآثار، إقامة معهد وطني لترميم الآثار، إصدار قوانين حاسمة وعملية في متابعة عمليات تهريب الآثار”.
اتخاذ التدابير اللازمة قبل حدوث الأزمة والكوارث وأخذ الحيطة لإدارة الكارثة بشكل صحيح يتم من خلال عدة عمليات لحفظ وترميم المخطوطات والآثار وعن هذا الموضوع تحدثت الأستاذة رجاء راجحة من خلال بحثها “ترميم المخطوطات وكيفية المحافظة عليها في زمن الأزمات” قائلة: “نبدأ بالحفاظ على المخطوطات بعملية التخزين من خلال المحافظة على شروط معينة لمكان الحفظ مثل الحرارة والرطوبة والانتباه إلى تواجد الحشرات والكشف الدوري للمخطوطات والوثائق، ويتم تصوير المخطوطات في أستوديو خاص، وحفظ الوثائق والأوراق المبعثرة يتم ضمن مغلفات ورقية مصنوعة من السيللوز، ومن ثم حفظها داخل علب لحمايتها من الغبار والعوامل الخارجية، أما عملية الترميم فتكون بمثابة عملية علاج للمنطقة المصابة لإعادتها للحالة الأصلية، وللترميم نوعان: ترميم يدوي ويعد هذا النوع الأكثر أمناً في المحافظة على المخطوطات وآخر آلي ويتم بجهاز خاص”.
عُلا أحمد