اقتصادصحيفة البعث

مصالــــح ضيقـــة تعيـــق مشـــروع إحـــداث الأكاديميـــة البحريـــة..

 

رغم امتلاكها للمقومات الأساسية من بنى وكادر مؤهل ونظم تعليمية  لإحداث أكاديمية للعلوم والتكنولوجيا البحرية، إلا أن المؤسّسة العامة للتأهيل والتدريب البحري لا تنوي إطلاق هذا المشروع لاعتبارات تتعلق بمصالح مديري المؤسسة الذين يرتبطون بالأكاديمية العربية التابعة لجامعة الدول العربية من خلال تكليفهم بأعمال فنية ضمن الأكاديمية، وبالتالي انتفاعهم المادي المغري جداً. وبحسب أحد المعنيين في المؤسسة فإن المؤسسة تعتبر مشروع الإحداث استراتيجياً، لافتاً إلى مطالبة المؤسسة ومنذ إحداثها بإطلاق الأكاديمية السورية، إلا أن التأخير في ذلك يعود لوجود أكاديمية متخصّصة بالعلوم البحرية تابعة لجامعة الدول العربية تعمل على تأهيل الموارد البشرية العاملة في قطاع النقل البحري من ضباط وقباطنة ومرشدين بحريين ومهندسين..الخ، مبيناً أنه تمّ خلال الفترة الماضية التنسيق ما بين المؤسسة وغرفة الملاحة البحرية ومديرية الموانئ على وضع الإجراءات المتعلقة بالمشروع لجهة التجهيزات التي يمكن أن تقدمها الغرفة من مخابر معلوماتية ومخابر لغات ونظم امتحانات.

الهدف

الخبير في قطاع النقل البحري الدكتور محمد سعيد، أشار إلى أن الهدف من مشروع الأكاديمية البحرية، هو إحداث كلية بحرية تقوم على تخريج القباطنة والمهندسين المؤهلين للعمل على السفن وفي ورشات وأحواض إصلاح وبناء السفن المرخّص لها بالعمل في القطاع البحري وفق الاتفاقات الدولية ذات الصلة، وتضمين الكلية لمعهد متخصّص بتأهيل الكوادر الفنية المرخص لها بالعمل في القطاع البحري وفق الاتفاقات الدولية ذات الصلة.

توفير بالقطع..

كما يهدف المشروع إلى توفير مبالغ طائلة بالقطع الأجنبي تدفع من السوريين لمؤسسات التأهيل في بلدان العالم المختلفة، وتجعلهم عرضة لابتزاز بعض العناصر التي تعمل على تزوير الشهادات في هذه المؤسسات، إضافة إلى دعم الأسطول السوري بالكوادر الاختصاصية اللازمة، وتطوير مؤسسات وكوادر التأهيل العربية السورية في المجال البحري وتطوير الخبرات الفنية الهندسية السورية في مجال صناعة صيانة وبناء السفن، فضلاً عن توفير فرص العمل للمهندسين والفنيين والعمال السوريين، والارتقاء بسورية إلى مستويات عالمية في المجال البحري.

سعيد أوضح أن التعليم في هذه الأكاديمية يجب أن يكون في اتجاهين: الأول في القبطنة البحرية والثاني في القبطنة الهندسية الميكانيكية، إضافة إلى الاختصاصات في الكهرباء البحرية، مشيراً إلى أن اعتماد الأكاديمية في سورية سيؤدي إلى فتح آفاق جديدة في مجال التعليم السوري بتخريج هذه الاختصاصات، حيث إن قسم الهندسة البحرية في جامعة تشرين يخرّج مهندسين بحريين دون اختصاص ولا يخرج قيادة سفن. كما أوضح أن غياب المؤسسات التعليمية المتخصّصة في علوم البحار الحاصلة على تراخيص دولية في سورية، يجعل الشباب السوري يسافر إلى بلدان مختلفة للحصول على الشهادات المؤهّلة بهذا الاتجاه، الأمر الذي يؤدّي إلى خسارة هائلة بالقطع الأجنبي، تقدّر بمئات ملايين الدولارات سنوياً، موضحاً أن نقص الكادر مردّه عدم قدرة بعضهم على المغادرة لتجديد شهاداته، وبالتالي تراجع الخبرة الفنية لهؤلاء.

تسهيلات..

وبيّن التقرير الصادر عن غرفة الملاحة البحرية وجود أكثر من 700 سفينة تعود ملكيتها لرجال أعمال سوريين، مع وجود أكثر من 1000 سفينة تمتلكها دول شرق البحر المتوسط: لبنان، الأردن، مصر، تركيا، قبرص، اليونان، تحتاج إلى كوادر عاملة؛ إضافة إلى وجود عدد كبير من السفن الأجنبية والعربية، التي تجبر على الاتجاه إلى الموانئ السورية بحكم الموقع الجغرافي لتفريغ بضائع الترانزيت، والتي يمكن استقطابها لتأمين فرص عمل للشباب السوري، فضلاً عن الاستفادة من انخفاض الضرائب، والتسهيلات التي قدّمتها الحكومة السورية، ناهيكم عن رخص أجر اليد العاملة السورية، وإمكانية المنافسة في مجال التأهيل وصناعة وصيانة وبناء السفن مع المتطلبات الصارمة لمنظمة “الآيمو” الدولية.

وفيما يخصّ موضوع تجهيز أطقم السفن وفق الاتفاقيات الدولية، بيّن سعيد أن من شأن إحداث مثل هذه الأكاديميات تجهيز المختصين ليصبحوا قادرين على العمل في اختصاصات الملاحة وقيادة السفن ومعالجة وتوزيع الحمولات على السفن مع قيادة الطاقم وإدارة الموارد البشرية، إضافة إلى تنظيم وإجراء اتصالات السفن بكل أنواعها.

 

أرقام ودلالات

الجدير بالذكر أن عدد السفن التي تعود لملاكين سوريين يزيد على الـ700 سفينة، منها ما هو مسجّل في الموانئ السورية ويحمل العلم السوري، ومنها ما هو مسجل في موانئ دول أخرى مثل بوليفيا، وكمبوديا، وجزر القمر، وقبرص، ودومينيكان، وجورجيا، وهونغ كونغ، وكوريا الشمالية، ولبنان، وليبيا، ومالطا، وبنما، وسيراليون، وسلوفاكيا، وسان فنسنت، وغرينادا.. وغيرها من الدول. وتتراوح حمولات هذه السفن ما بين 2500 و30000 طن، وهذا الأسطول يحتاج إلى طواقم للعمل يصل عددهم إلى أكثر من 2100 مختص في مجال الملاحة البحرية ويتدرّجون في مناصبهم وصولاً إلى كابتن أعالي بحار، منهم 700 ربان عام و700 مساعد ربان و700 ملاح، و700 كبير مهندسين، و700 مهندس ميكانيك، و700 مهندس كهرباء، وأكثر من 3500 فني وعامل ميكانيك وكهرباء.

بحاجة..

وبناء على ما سلف فإن سورية بحاجة -حسب أحد التقارير الصادرة عن غرفة الملاحة- إلى أكثر من 7500 ملاح ومهندس وفني، هذا إذا ما تمّ اعتبار أن الطاقم يعمل بصورة دائمة دون تبديل، أما في حال احتساب تبديل الطاقم فإن هذه الأرقام تصل إلى 12000 تقريباً. وإذا ما تمّ الأخذ بعين الاعتبار تدهور الحالة الصحية والظروف الأخرى عند بعض أفراد الطاقم، فإن هذا العدد يزيد بنسبة تصل إلى 5%، كما أن هذا الرقم يزيد أيضاً مع احتساب إمكانية العمل على السفن العربية والأجنبية الأخرى، ولابد من ضرورة تأهيل هذا العدد من المختصين والفنيين والعاملين البحريين والذي يحتاج إلى معاهد فنية وكليات بحرية لتأهيله.

محمد زكريا

Mohamdzkrea11@yahoo.com