اقتصادصحيفة البعث

جعجعة مؤتمرات..فمتى الطحن..؟!

كم من لقاءات واجتماعات ومؤتمرات بين الحكومة والاتحاد العام لنقابات العمال، كنا شاهدين عليها (وأحيانا شهود زور من منطلق عسى ولعل)، وأخذت منا ومن مهنتنا ومن وسائلنا الإعلامية ثمين الوقت والمكان، وجميل الصبر والعمر من العمل وفائق المتابعة والدراسة والتحليل والنقد وتسليط الضوء، لكن ماذا كانت النتيجة…؟!.

للأسف لا شيء يستحق، فحال العمال عامة والعاملين في القطاع العام خاصة – اللهم ما ندر وجدا – لم يكد يشهد تغيَّرا أو تغييرا، لا بل أنه من سيء لأسوء…!؟.

وإن كان هناك من ينكر علينا ما تقدم من رأي، نطلبه للاحتكام إلى أس مفهوم العمل وهو قانونه أو قوانينه، التي أصابت الحراك النقابي بالعجز والشلل أمام تحقيق أية مطالب عمالية مشروعة، إما نتيجة لتسلط الحكومة وتحكمها بالقرار العمالي، وإما لمسايرة أو تواطؤ، ممن يفترض أنهم ممثلي العمال والمدافعين عن حقوقهم المكتسبة، للحكومة وأرباب العمل على حساب العمال، الذين أثبتوا وخلال الأزمة غير المسبوقة في تاريخ سورية، وربما في العالم، أنهم صمام أمننا الاقتصادي والتنموي وسر صمودنا الزراعي والصناعي، ولا نبالغ إن أضفنا صمودنا السياسي والاجتماعي.

لكن ورغم حقيقة ما سبق، بقي العمال وقضاياهم المعيشية وغير المعيشية العادلة -على قلتها وبساطتها ومشروعيتها- كبش فداء لعوالم مال وأعمال الحكومات المتعاقبة وشركائها، ومكسر عصى لتشابك المصالح في تلك العوالم المتغيرة الأوجه، والمتعددة بمجاهيلها..!؟.

أوجه ومجاهيل، يُنبئنا المؤجل إقراره وصدوره إلى أجل غير معلوم، أن قانونا بوزن “القانون الأساسي للعاملين في الدولة”، ورغم أنه يعد الركيزة الأساسية التي يتحدد عليها منظورنا ورؤيتنا لمفهوم قيمة العمل وقوة العمل، وأنه بقدر ما يكون وعينا وتقديرنا لقيمة العمل ومقدميه متكاملين، بقدر ما يكون القانون صحيحا وصحيا في أثاره الاجتماعية والاقتصادية والتنموية، لكن لا شيئا في الأفق يُبنى عليه أملا..!؟.

فرغم تعديل واستبدال القانون رقم 1 لعام 1985 -الذي حبل بكثير من السلبيات التي تكشفت خلال تطبيقه- بالقانون رقم 50 لعام 2004, إلاَّ أن القانون البديل لم يكن قادراً على الإلمام بكل متطلبات العمل الوظيفي، بل شابه الغموض الواضح، في كثير من مواده..!.

وهكذا، ما بين أخذ ورد في نوايا الحكومات المتعاقبة على التعديل للـ50 ، مر المذكور بسنوات من فقدان التوازن والاتزان، ليدخل سنوات الحرب الحرجة ويجد نفسه مرة أخرى أمام قرار بالتعديل مجددا..!.

هنا من الضروري والمفيد التذكير بما كان أعلنه وزير العمل الأسبق خلف العبد الله أيام حكومة الحلقي، قال: “منذ استلمنا الملف في الوزارة، أعطيت وعداً للحكومة بأننا سننجز هذا القانون خلال ستة أشهر, والحقيقة أننا استطعنا أن ننجز التعديل المطلوب في القانون رقم 50 خلال أربعة أشهر فقط والآن جميع التعديلات جاهزة وسيكون على طاولة الحكومة خلال الأيام العشرة الأولى من تشرين الثاني الحالي”.

كان هذا خلال جلسة لمجلس الشعب بتاريخ 19/11/ 2015، إذ أكد الوزير “أن القانون بصيغته النهائية أصبح ناجزا، واعدا آنذاك الأعضاء بإحالته إليهم” بعد انتهاء الحكومة منه، كما أكد “أن القانون العتيد سيحل 90% من المشاكل والتساؤلات العالقة منذ عام 2004، وسيزيل الغموض الذي يشوب عددا من المواد وتأثيراتها السلبية على العاملين”.

كما ونذَّكر أنه وبعد سنة وتسعة أشهر بالتمام والكمال على ما أكده العبد الله، ناقش مجلس الوزراء مشروع قانون التعديل، ووافق على رفعه إلى الجهات المعنية لاستكمال أسباب صدوره، لكن وحتى تاريخه على ما يبدو أن الأسباب لم تنضج..!؟

عرضنا لما تقدم هو رد على مؤتمرات ومُؤتَمِرين ومُؤتَمَرين، ممن تناسوا عامل المثاقلة للزمن في حسابات ودراسات الجدوى الاقتصادية والتنموية والاجتماعية والمعيشة، ناهيكم عن تناسي عدد من القوانين الهامة ومنها القانون رقم 17 السيئ السمعة الناظم للعمل في القطاع الخاص والمشترك، إضافة للعديد من القضايا الهامة كسلسلة الرتب والرواتب والتوصيفي الوظيفي بحجة ظروف الحرب والأزمة.

تناسيا بودنا وضع حد له، خاصة وأننا مقبلين على استحقاقات البناء والإعمار، وما يتطلبه ذلك من تهيئة كاملة لسوق العمل، سوق يحتاج بدوره لقدر كبير من الشفافية والوضوح والعدالة، وهذا ما نحن كعاملين في الدولة عامنا وخاصنا، أول ما نحتاجه من أي مؤتمر، وخلاف هذا فهو عرض واستعراض، لن نكون بعد اليوم شهود زور فيه.

قسيم دحدل

Qassim1965@gmail.com