تحقيقاتصحيفة البعث

البوابات البيئية!

تناقض غير مفهوم بين إجماع الآراء الشعبية والرسمية على هشاشة المنظومة البيئية، وضعف وانحراف أدائها، وطريقة تعاطي الناس مع بيئتهم، وخاصة لجهة دورهم السلبي، ومساهمتهم في تخريبها، وإلقاء اللوم في ملعب الآخرين، وهذا التناقض يبرز بشكل واضح أيضاً من خلال عمل الجهات المعنية التي تخبىء تقاعسها وراء الكثير من القرارات التي تتخذها ورقياً ضمن سلسلة البحث عن السلامة البيئية، دون أن تستطيع رفع وتيرة الأداء، وإحداث تبدلات جوهرية على ساحة العمل البيئي الذي كان ساحة للتنظير ضمن مشروع حماية الموارد الطبيعية من الملوثات الذي أطلق منذ سنوات، وخاصة ما قبل الأزمة، ولم يتمخض عنه سوى المزيد من التلوث، وفواتير بمئات الملايين من الليرات السورية التي لايزال البحث جارياً عن حقيقة استثمارها داخل العمل البيئي، وعن العلامة الفارقة التي أحدثتها على صعيد تحسين الأداء، وتحقيق تقدم على جبهة “البيئة النظيفة”.

وطبعاً رغم ضخامة الأضرار التي لحقت بالبيئة نتيجة جرائم الإرهاب، إلا أنه في خضم هذه “المعمعة” قد يؤخذ على الجهات المعنية الاستمرار في عمليات البحث داخل تفاصيل الأزمة عن مبررات، وإن كانت فعلية، إلا أنها لا تعفي من المسؤولية، ولا تعطي مبرراً للتقاعس، فالضجيج البيئي الذي لاتزال أصداؤه تتردد في جميع الأوساط الرسمية والشعبية عن سوء الواقع، تقابله حالة من  الصمت المنتج للأعذار، وهو السائد في المكاتب المسؤولة التي قد يفهم على أنه حالة من الرضى عن الذات عبر المنشورات والبروشورات التي تستثمرها للخروج من دائرة الاتهام، وإدراج كل ما يقال عن تقصيرها في خانة  التفكير الظني الذي لا يخدم المصلحة العامة، ولا يمنح فرصة الوصول إلى قرار حاسم ينهي الجدل، ويحيل المتهم الحقيقي في هذه القضية إلى المحاسبة والمساءلة؟!.

ولا شك أن لهذا التعاطي السلبي الكثير من العواقب والتداعيات على البيئة، وعلى الفاعلية والتشاركية بين المواطن والجهات المعنية التي باتت أكثر ضرورة لإسقاط النوايا الخبيثة التي تستهدف الثقة المتبادلة، والعلاقة المتوازنة بين واجبات المواطنة تجاه البيئة، ومدى تجاوب المنظومة المؤسساتية مع متطلبات استقرارها وسلامتها على مختلف الصعد، ومن هنا تكون التشاركية بالمسؤولية إحدى أهم بوابات العبور نحو البيئة النظيفة، ولعل الاحتفال بيوم البيئة الوطني مناسبة هامة ليس للتذكير السنوي بحال البيئة، بل للبدء بعمل جدي يرمم ويضمد جراح البيئة، ويقلل من تداعياتها، وهذا يحتاج إلى تضافر الجهود، وإلى عمل وطني بامتياز، ومدعم بقرارات وقوانين ومبادرات أهلية ترقى إلى مستوى الواقع البيئي؟!.

بشير فرزان