أخبارصحيفة البعث

إيران تنتصر من جديد

 

 

لم تنجح البروباغندا الأمريكية التي سبقت تطبيق الحزمة الثانية من العقوبات الأحادية التي فرضتها واشنطن على طهران بعد انسحابها من الاتفاق النووي معها، في تحقيق هدفها، فالحكومة والاقتصاد الإيراني لم ينهارا، ودول العالم لم تذعن لقرار ترامب، بل أعلنت بكل صراحة عن استمرار نشاطها الاقتصادي مع طهران، كالاتحاد الأوروبي.. إذاً لمَ كل هذا التهويل؟، وماذا أراد ترامب من وراء ذلك؟ هل المقصود بالعقوبات طهران، أم شركاؤها التجاريون كالصين والهند بشكل غير مباشر؟.
لاشك أن ترامب ومنذ قدومه إلى البيت الأبيض تبنّى سياسة معادية جداً لطهران، وهو وعد منذ حملته الانتخابية بالانسحاب من الاتفاق النووي، وقد نفّذ ذلك في 8/5/2018، وأعاد فرض عقوبات أحادية عليها، ولكن اللافت أنه اختار موعدها قبل انتخابات التجديد النصفية بيوم واحد، في سعي منه لاستقطاب الصوت الجمهوري المتشدد واللوبي الصهيوني الداعم لـ”إسرائيل” في آن واحد، ودعم مرشحيه في مواجهة الديمقراطيين، الذين أنجزوا الاتفاق النووي.
لذلك حاول ترامب وفي ظل عدم التجاوب الكبير من الدول الحليفة قبل الأخرى، من خلال الضجة الإعلامية الكبرى التي رافقت تطبيق العقوبات، التأثير في الشارع الإيراني الداخلي، في محاولة لإحداث شرخ بين القيادة الإيرانية وجمهورها.. عبر القول: إن سياسات حكومتكم هي من دفعنا لمعاقبتكم، ولكن الرد على ذلك كان واضحاً وجلياً لكل العالم، إذ خرجت مسيرات مليونية في جميع أنحاء إيران تنديداً بالعقوبات وتأكيداً لخيار القيادة الإيرانية ونهجها المقاوم.
وعليه فإن الأهداف الآنية لعقوبات ترامب على طهران فشلت، وربما لن تحقق المطلوب، ولكن ما هو واضح حتى الآن حسب مراقبين أن الرئيس الأمريكي أراد من خلال العقوبات على النفط والغاز الإيرانيين خنق خصومه التجاريين، ودفعهم للجوء إلى أسواق أخرى لتأمين احتياجات الطاقة، فالصين مثلاً تعتمد على ما يقارب 600 ألف برميل من النفط الإيراني، وبالتالي امتثالها للقرار الأمريكي سيدفعها إلى أسواق أخرى، وبما أن حصتها الاستهلاكية وازنة في السوق، والنفط معظمه مباع بعقود آجلة، فإنها ستلجأ للشراء بأسعار عالية لتأمين مواردها اليومية، ما يعني زيادة التكلفة في تصنيع منتجاتها وفقدانها عنصر المنافسة، وقد تلجأ ربما إلى شراء النفط الصخري الأمريكي، الذي منذ وصول ترامب إلى السلطة زاد إنتاجه بشكل كبير.
لقد خبرت إيران منذ الثورة العقوبات الأمريكية، وربما كانت العقوبات الدولية عام 2011 تحت الفصل السابع أقوى وأخطر، ولكنها استطاعت بفضل صمودها وعزيمة أبنائها ودعم حلفائها تجاوزها والخروج منتصرة، واليوم وبعد أربعة أيام على تطبيق هذه العقوبات الظالمة، بدأت سبحة الاستثناءات من تطبيق العقوبات الترامبية تتوالى، فبعد إعفاء ثماني دول من شراء النفط الإيراني وميناء تشابهار، وأخيراً إعفاء العراق من تطبيقها، إضافة إلى أن دول الاتحاد الأوروبي، أعلنت بوضوح أنها ستؤسس لنظام مالي يحافظ على نشاط شركاتها في إيران، فالعقوبات عملياً فشلت في تحقيق أهدافها المعلنة من قبل ترامب وإدارته.
ولعل ما قاله الرئيس الإيراني الشيخ حسن روحاني يختصر ذلك: “إن صدور الإعفاءات الأمريكية للدول الثماني بشراء النفط الإيراني هو انتصار كبير للشعب الإيراني على العقوبات الأمريكية.
سنان حسن