اقتصادصحيفة البعث

“المسؤولية الاجتماعية” ما تزال رهينة لمفهوم الصدقة والإعانة “العمل” ترصد 420 مركز تنمية مجتمعية.. والعين على القطاع الخاص للعب دوره الحقيقي

 

دمشق – ريم ربيع
بين الصدقة والضرورة بقي مفهوم المسؤولية الاجتماعية رهن النقاش لساعات طوال بين أعضاء غرف التجارة والصناعة وممثلي القطاع العام من الهيئات والمؤسسات الحكومية في اللقاء التشاوري الأول للمسؤولية الاجتماعية لشركات القطاع الخاص في غرفة تجارة دمشق، وبعد استعراض مطول لتعاريف المسؤولية الاجتماعية المتنوعة ارتأى البعض أنه حتى الآن لم يترسخ المفهوم الصحيح في مجتمعنا رغم الحاجة الملحة إليه بعد الخروج من الأزمة التي جعلت آلاف العائلات بانتظار تطبيق هذه المسؤولية. وإن كان بعض المختصين قدموا شروحاً تفصيلية عما يجب وعما يفترض.. غير أن التطبيق الفعلي وترسيخ المفهوم بدا بعيداً بعض الشيء ريثما ينتهي التخبط في فهمه بشكل دقيق على أقل تقدير وتدرك الشركات ورجال الأعمال الضرورة الفعلية له.

ليسوا مصاصي دماء..!
رئيس غرفة تجارة دمشق محمد غسان القلاع استنكر إطلاق صفة “مصاصي دماء الشعب” على رجال الأعمال ورأى أنهم شكلوا سنداً كبيراً في حمل الأعباء عن المجتمع خلال فترة الأزمة ولم تغفل أذهان أصحاب العمل عن هذه المسؤولية، مستشهداً بالمستوصفات والجمعيات الخيرية لقطاع الأعمال. فيما وجد أمين سر جمعية العلوم الاقتصادية السورية فؤاد اللحام أن ممارسة المسؤولية الاجتماعية عند رجال الأعمال اختصرت بعمل الخير نظراً لعدم فهم هذه الثقافة بالمفهوم الحديث وغياب تنظيم مؤسساتي لها، الأمر الذي حد من نقلها إلى جهد جماعي فعال، مبيناً أهمية دور المسؤولية الاجتماعية في تنمية المجتمع المحلي والإسهام بإيجاد المزيد من فرص العمل ودعم مشاريع وأعمال الشباب، آملاً أن تخلص نتائج الملتقى إلى اقتراح شكل من التنسيق المشترك بين ممثلي رجال الأعمال والجهات العامة والأهلية لتحديد مجالات المساعدة والجدول الزمني لتنفيذها.

طابع تنموي
من جهته معاون وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك د.جمال شعيب بيّن ضرورة البحث عن الرؤى الضامنة لتعزيز للتشاركية بين جميع القطاعات الحكومية والخاصة، موضحاً أن المسؤولية الاجتماعية تقع على عاتق الجميع خاصة أن سورية بأمس الحاجة لتفعيلها في الوقت الراهن. بينما قدم معاون وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل ركان الإبراهيم عدة اقتراحات تتضمن قيام الشركات بدورها عبر مشاريع خيرية اجتماعية ذات طابع تنموي، والتزامها بالقوانين والأنظمة الخاصة بتنظيم شروط العمل وحقوق العاملين، وإنشاء قسم للحماية الاجتماعية أو التنمية المستدامة، وتحويل الأعمال الطوعية أو الخيرية إلى إنمائية، مشيراً إلى ضرورة قيام أصحاب العمل بإبرام اتفاقات عمل تمنح مزايا أكثر من الواردة في قانون العمل والتأمينات.

خارطة رعاية
وتضمن اللقاء مقترحات وتساؤلات عديدة حول التوجه لدعم القروض والمشاريع الصغيرة بدلاً من المساعدات، وربط مخرجات التعليم بسوق العمل ومساهمة الشركات الصغيرة والمتوسطة أيضاً في الدعم الاجتماعي والتوجه نحو الاقتصاد الأخضر والتنمية المستدامة، والموازنة بين الأنشطة الربحية وغير الربحية. فيما بينت مديرة الخدمات الاجتماعية في وزارة الشؤون الاجتماعية ميساء ميداني عمل الوزارة لتحديد الاحتياجات الاجتماعية الموجودة والوصول لـ420 مركز تنمية مجتمعية و96 مركزاً مجتمعياً، ورسم خارطة توزع المؤسسات الرعاية الاجتماعية لتخديم الفئات المتضررة.

فجوة اجتماعية
رئيس الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان د.أكرم القش ارتأى ضرورة تحديد مسؤولية اجتماعية للقطاع الخاص لا تدخل في حساباته، باعتباره المشغل الأساسي للعمالة ولاسيما أن تحمل القطاع لمسؤوليته الاجتماعية سيمنحه قدرة أكبر على الإنتاج والربح على المستوى البعيد، مفترضاً تحويل الجمعيات الأهلية والخيرية إلى مجتمع مدني منظم يتقاسم المهمات والتنظيم مع القطاعين العام والخاص بحيث لا يكون العمل المجتمعي ارتجالياً، مشيراً إلى أهمية تنظيمه ودعمه لردم التفاوت المجتمعي، في الوقت الذي أكد فيه الفشل في تغيير عقلية العمل الاجتماعي وتحمل كل قطاع لمسؤولياته منذ ظهور اقتصاد السوق ما تسبب بفجوة كبيرة في المسؤولية الاجتماعية.