ثقافةصحيفة البعث

متدربو خطوة شغف وحلم تحقق ب”ياسمين ملون”

الشغف بالفنّ واللون والقيم الجمالية كان الحلم الذي وحد المتدربين من أجيال مختلفة بمشروع خطوة لتعزيز المواهب التشكيلية وتطويرها بإشراف الفنان أسامة دياب، المشروع الذي أخذ طابع ورشة عمل تشكيلية ضمت أيضاً عدداً من الفنانين الضيوف مثل الفنان نزار حطاب ومعتز العمري ورباب أحمد ومفيدة الديوب وغيرهم لمشاركة المتدربين ودعمهم. وقد توّجت بمعرضهم الثاني بعنوان “ياسمين ملون” الذي أقيم بالمركز الثقافي العربي في أبو رمانة، والأمر اللافت هو جنوح عدد من المتدربين نحو الانطباعية الحديثة بتجسيد المناظر الطبيعية والطبيعة الصامتة وتكوينات المدينة القديمة، إلا أن الأجمل هو إظهار المشاعر الوجدانية بما يشبه الحكاية القصصية عبْر سردية خطوط اللوحة وهياكلها وألوانها وفق الانطباعية الحديثة كما ذكر المتدربون.

ومن يتجول بالمعرض تستوقفه لوحة ثنائية للمتدربة رحاب سنجاب تسرد حكاية عاطفية، فعبّرت عن الانكسار العاطفي الذي تعيشه الأنثى بانسكاب اللون البنفسجي البارد على جسدها العاري وأظهرت اللون الأبيض من خلفها اعتقاداً منها بأن الرجل الذي تحبّه يحمل لها السعادة والأمان، إلا أن التدرج الحكائي بالقصة امتد إلى الكهف الذي شغل فضاء القسم الأيسر من اللوحة وضم ضحايا الرجل الغارق بمجونه وباستخفافه بمشاعر المرأة فجاء اللون الأحمر إشارة إلى القتل الصامت، وتابعت سنجاب قصتها كما ذكرت في اللوحة الثانية التي أظهرت فيها المرأة من الخلف وهي تنظر إلى الأفق، فترمي الماضي خلفها وتنظر إلى الحياة برؤية جديدة بعد أن وقعت بشباك رجل حطم في داخلها أشياء كثيرة.
وارتأت المتدربة أماني الطويل أن تعبّر عن حالات الحزن والفرح بضبابية الملامح وغياب التفاصيل بانطباعية، في حين أكسبت هيكل الجسد اللون الأبيض لأنه لون الانتظار ويوحي بالنقاء الداخلي.
في حين عادت مها البارودي إلى الذاكرة فاسترجعت معالم الحارة الدمشقية القديمة بأسلوب انطباعي والملفت بلوحتها هو كثافة العجينة اللونية، فرسمت المنازل والنوافذ المتقاربة الموحية بالحبّ والتآلف الاجتماعي، والمارة وتفاصيل الحارة للمحال الموجودة بالألوان الحارة والباردة بغياب واقعية الملامح وفق الانطباعية كما بيّنت باستخدامها أيضاً الريشة وضربات السكين.
بينما جسدت مها القنطار تفاصيل البورتريه لوجه أنثى بواقعية وركزت على عيونها الزرقاء لإظهار براءتها ورومانسيتها مع الاهتمام بجمالية ملامح الوجه، وعكست الضوء من جهة واحدة فقط لإيضاح إحساسها الداخلي.
وعبرت شيرين البودي عن الحالة التي تعيشها الأنثى بأعماقها من خلال الرقص وبرمزية الوشاح الأبيض الذي يلف جسدها ويشي بتطلعها نحو الصفاء بعيداً عن الجسد ونظرة المجتمع للمرأة والتملق من حولها. وأشارت إلى أن الرقص هو الحالة الانفعالية الأكثر تعبيراً التي تظهر إحساس المرأة الحقيقي، ونوّهت إلى أن البقع اللونية المترامية على فضاء اللوحة تشي بالانتقادات التي تتعرض لها وبالسلبيات المحيطة بها.
وتسربت لوحة الفنان أسامة دياب إلى قلوب الزائرين برمزية وجمالية الخلفية باللون الأزرق المائل نحو النيلي يعلوها الهلال الأبيض وتهمس موسيقاها بجمالية المشاعر الوجدانية وبالعلاقات الإنسانية والعاطفية التي تموت في أية لحظة، من خلال هيكل المرأة والرجل في عناق حميم بينما يخفي هيكل المرأة الحزين خلفهما الزمن الفعلي الحالة الواقعية التي تعيشها المرأة ومعاناتها من الفراق وإغراقها بعالم الذكريات.
ومن الفنانين الضيوف رباب أحمد التي شاركت بعمل واقعي يوحي بعلاقة المرأة بالمجتمع وبالذات من خلال تموجات اللون الأزرق الذي يدل على الحياة وتقاطعه مع تموجات انحناءات الجسد واللون الذهبي الذي يخفي الكثير من الصراعات.

حالة تفاعلية وإيجابية
وأشاد معاون وزير الثقافة علي المبيض بورشة العمل التشكيلية خطوة التي توّجت بالمعرض الذي يأتي ضمن حالة الحراك الثقافي الذي نعيشه بكل صنوف الثقافة وبالحركة التشكيلية، وقد تميز باستقطاب تشكيليين من مختلف الأعمار مع مشاركة ربات البيوت فهذا التلاقي بالأساليب والرؤى الفنية يؤدي إلى تمازج الخبرات، إضافة إلى التشاركية بين الفنانين المحترفين وأصحاب المواهب والدارسين ورعايتهم من قبل جهة رسمية.

تعليم المفاهيم
وبيّن المشرف أسامة دياب بأن المشروع تعليمي أكاديمي يعلم المتدربين أسس الفنّ الصحيحة من حيث بناء اللوحة وتكوين الهيكل ودراسة العلاقات اللونية بعيداً عن المدارس لأنهم مازالوا في مرحلة التدريب، والمعرض اليوم يعبّر عن فهم كل متدرب للأسس التي تعلمها وترجمها بعمل قدمه وفق تأثره بالمضمون بطريقة واقعية أو انطباعية، الأمر الهام أن يوصلوا رسالتهم إلى المتلقي. ليبقى القاسم المشترك بين الجميع هو عشقهم للفنّ بأبعاده واحترامهم للقيمة الجمالية البصرية.
ملده شويكاني