الصفحة الاولىصحيفة البعث

موسكو: وثيقة تفضح مخططاً استفزازياً في مضيق كيرتش

أعلن الأمن الفيدرالي الروسي ضبط أسلحة وذخائر على متن السفن الأوكرانية الثلاث المحتجزة قرب مضيق كيرتش، فضلاً عن وثيقة تتضمّن تعليمات مباشرة بالعبور الخفي خلال مضيق كيرتش، فيما علّق الكرملين على فرض الأحكام العرفية في أوكرانيا، حيث عدّ المتحدث باسم الرئاسة الروسية، ديمتري بيسكوف، هذا الأمر شأناً داخلياً أوكرانياً، لكنه أكد أن اتخاذ خطوة مثل فرض الأحكام العرفية على خلفية العملية الانتخابية يحمل طابعاً خاصاً ومفضوحاً، بينما أكد أن مصير البحارة الأوكرانيين المحتجزين في كيرتش سيقرّره القضاء الروسي. وقال بيسكوف: “من المحتمل أن فرض الأحكام العرفية يمثل تهديداً بتصعيد النزاع في بعض المناطق. والمقصود هنا جنوب الشرق”. وفي ردّه على سؤال حول مصير البحارة الأوكرانيين المحتجزين في كيرتش، أشار بيسكوف إلى أنه يتوقّف على “موقف القضاء الروسي وليس موقف الكرملين”، ولفت إلى أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، سيعلن بنفسه عن موقفه من الحادث في بحر آزوف خلال زيارته المرتقبة إلى الأرجنتين للمشاركة في أعمال قمة مجموعة الـ “20” الدولية في بوينس آيرس.

من جهته، صرّح رئيس الوزراء الروسي ديمتري مدفيديف بأن إعلان أوكرانيا حالة الطوارئ ستكون له تداعيات خطيرة على اقتصادها وسينعكس سلباً على علاقاتها مع روسيا.

وعلّق مدفيديف على التوتر الذي حصل في مضيق كيرتش، قائلاً: “لا شك أن هذا سيصبح مشكلة جديدة تضاف إلى المشكلات الخطيرة التي يواجهها الاقتصاد الأوكراني، وبالطبع لن يحسّن العلاقات بين الاتحاد الروسي وأوكرانيا”، وأضاف: إن قرار القيادة الأوكرانية فرض حالة الطوارئ موجّه لخدمة أجندة الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو الداخلية، وخاصة مع قرب الانتخابات الرئاسية في أوكرانيا.

بدوره، رجّح سكرتير مجلس الأمن الروسي نيقولاي باتروشيف، أن إعلان كييف حالة الطوارئ في أوكرانيا، “قد يعني إلغاء الانتخابات في هذا البلد”، وأضاف: “البحرية الأوكرانية أصبحت ورقة مساومة في لعبة سياسية للرئيس الأوكراني وصحبه المستعدين لارتكاب أي جرائم سعياً وراء زيادة فرصهم للبقاء في السلطة، وهي كما تعلمون ضعيفة في الظروف الحالية”، وأشار إلى أن “الاستفزازات من جانب بوروشينكو، تؤكد مرة أخرى أنه يعتزم بناء حملته الانتخابية على تأجيج التهديدات الوهمية فقط، في ظل عدم وجود برنامج انتخابي متماسك وواضح لديه”، وأضاف: “ممارسات كييف أصبحت مصدر تهديد دائم، وحادث الأحد في مضيق كيرتش فقرة جديدة في قائمة جرائم سلطات كييف”.

وفي السياق ذاته، دعا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الدول الغربية إلى إرسال رسالة قوية إلى كييف تحذرها من مغبة مواصلة الاستفزازات، مضيفاً: إن موسكو لا ترى حاجة لأي وساطة في تسوية أزمة مضيق كيرتش.

وقال لافروف خلال مؤتمر صحفي مع نظيره الفرنسي جان إيف لودريان في باريس أمس: “عقدنا أمس اجتماعاً لمجلس الأمن الدولي، وأوكرانيا أيّدت عقد تلك الجلسة أيضاً. أعتقد أن ذلك كان مفيداً، بحيث يسمع الجميع الحقيقة حول ما حدث. لكن الشيء الأساسي لا يتوقّف على مجلس الأمن، ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا أو أي منظمة أخرى، بل على أن يوجّه داعمو القيادة الأوكرانية لها تحذيراً حازماً من مغبة الاستمرار في اللعب بالنار”، وأضاف: إن بلاده لا ترى أي حاجة لجهود الوساطة في تسوية الأزمة الحالية، معتبراً أن السلطات الروسية والأوكرانية قادرة على التسوية دون وسطاء.

وذكر لافروف أنه أوضح للودريان وجهة النظر الروسية لحادث مضيق كيرتش، مشدّداً على أنه “كان استفزازاً مقصوداً”، وأضاف: “حبذا لو استفادت السفن الأوكرانية من تجاربها السابقة، ولاسيما أنها طلبت في أيلول السماح وأبلغتنا مسبقاً بمرورها من البحر الأسود إلى بحر آزوف، وجرى كل شيء بشكل سلس للغاية. لماذا اتبعوا هذه المرة طريقاً آخر؟!”، مشيراً إلى أن ذلك يتعلق بالساحة الداخلية الأوكرانية.

من جهته، حذّر لودريان من أن عسكرة بحر آزوف تنذر بوقوع حوادث خطيرة، ودعا الطرفين إلى التحلي بضبط النفس.

بالتوازي، نشرت هيئة الأمن الفدرالي الروسي تسجيلات مصوّرة لاعترافات ثلاثة من البحارة الأوكرانيين الذين احتجزهم خفر السواحل الروسي بعد أن انتهكت سفنهم الـ3 مياه روسيا قبالة شبه جزيرة القرم، وقال قائد مجموعة السفن الرائد البحري فلاديمير ليسوفوي: إنه كان يشاهد بالعين المجرّدة سفن خفر السواحل الروسي بعد دخول سفينته المياه الروسية، لكن سفينته “تعمّدت تجاهل” إشارات الروس ومحاولاتهم الاتصال بها، وأضاف: إن سفينته كانت تحمل على متنها أسلحة خفيفة، ورشاشات وذخيرة، مؤكداً أنه كان يدرك أن تحرّكات البحرية الأوكرانية في مضيق كيرتش “تحمل طابعاً استفزازياً”.

واعترف المجند سيرغي تسيبيزوف، والملازم أول أندريه دراتش بأنهما كانا على علم بدخول السفن الأوكرانية المياه الروسية بشكل غير شرعي، وأنهما شاهدا سفناً تابعة لخفر السواحل الروسي وهي تطلق الإشارات والطلقات التحذيرية قبل أن تستهدف إحدى السفن الأوكرانية بالذخيرة الحية.

ولفت الأمن الفدرالي الروسي إلى أن أحد المحتجزين وهو أندريه دراتش، ضابط في المخابرات العسكرية الأوكرانية.

وأكد جهاز الأمن الأوكراني، في وقت لاحق، أن ضباطاً من المخابرات العسكرية كانوا فعلاً على متن السفن المحتجزة لدى روسيا.

إلى ذلك، طالبت السفارة الروسية لدى واشنطن الولايات المتحدة بوضع حدّ لانتهاكات “النازيين الجدد” في أوكرانيا بعد رشقهم مبنى سفارة موسكو في كييف بقنابل دخانية على خلفية أحداث بحر آزوف، وكتبت في بيان على حسابها في “فيسبوك”: “نعرب عن تضامننا مع زملائنا الدبلوماسيين الروس في كييف والقنصليات العامة لروسيا في أوكرانيا، الذين يتعرّضون لمظاهر عدوانية بانتظام”، داعية واشنطن إلى “كبح أتباعها ووضع حدّ لعربدة النازيين الجدد والمتطرفين القوميين في أوكرانيا”.

وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد بحث في وقت سابق مع المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل هاتفياً “الحادث الخطير” الذي حصل في حوضي بحري آزوف والأسود يوم الأحد، حيث عبّر بوتين لميركل عن “قلقه البالغ إزاء قرارات كييف بوضع قواتها المسلحة في حالة التأهب القصوى وفرض الأحكام العرفية في البلاد”، وشدّد على أن “الرئاسة الأوكرانية تتحمّل كامل مسؤولية اختلاق حالة أخرى من حالات الصراع والمخاطر المترتبة عليها”، مشيراً إلى أن السلطات الأوكرانية دبّرت ونفذت هذا الاستفزاز في ضوء الحملة الانتخابية في البلاد.