اقتصادصحيفة البعث

خبير اقتصادي وقانوني يرجح صدورها خلال أشهر سنوات سبع من الأسباب الموضوعية لعدم إنجاز الخطة الوطنية للامركزية الإدارية..!

يأخذ البعد المحلي نظراً لخصوصيته وتمايزه النابع من تنوع واختلاف الجغرافية الوطنية ضمن الوطن الواحد، اتجاهاً تطويرياً للبيئة المحلية، يجعل المشرع ينحو باتجاه رصد فوائد وإيجابيات هذا التطوير، تمهيداً لشرعنته، انسجاماً مع التطلع نحو الأفضل وطنياً، وذلك لأن التشريعات هي أسباب موجبة أولاً، ومن هنا يمكن لنا تلمس البعد الاقتصادي الكبير لإنجاز تشريعات اللامركزية الإدارية المندرجة ضمن الآليات الموجودة في المرسوم الشهير رقم 107 الصادر في 23/8/2011 الخاص بقانون الإدارة المحلية، والذي اعتبر نافذاً اعتباراً من 1 تشرين الأول من العام الآنف نفسه.
عن ذلك البعد وماهيته، وتلك التشريعات اللامركزية الإدارية، وهل أنجزت..؟، كان محور سؤالنا المطروح على الخبير القانوني والاقتصادي سامر الحلاق، استناداً لخبرته وتجربته العملية في الإدارة المحلية.

قيد الانتظار..؟!
ضيفنا لم يشأ الإجابة من خارج “الصحن” كما يُقال، وإنما فضل إقامة الحجة من داخله، أي من أهداف قانون الإدارة المحلية نفسه؛ ومن باب إنعاش الذاكرة، خاصة بعد مرور سنوات طوال (قيد الانتظار) على صدور القانون، قال: حدد القانون في مادته الثانية من فصله الثاني خمسة من الأهداف أولها: تطبيق لامركزية السلطات والمسؤوليات وتركيزها في أيدي فئات الشعب تطبيقاً لمبدأ الديمقراطية الذي يجعل الشعب مصدر كل سلطة، وذلك من خلال توسيع وتحديد واضح وغير مزدوج لسلطات وصلاحيات مجالس الوحدات الإدارية لتمكينها من تأدية اختصاصاتها ومهامها في تطوير الوحدة الإدارية اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وعمرانياً.‏
وثانيها: إيجاد وحدات إدارية قادرة على عمليات التخطيط والتنفيذ ووضع الخطط التنموية الخاصة بالمجتمع المحلي وتنفيذ المشاريع الخاصة بها بكفاءة وفعالية من خلال تعديل مستويات الوحدات الإدارية وتحديد هيكليتها المحلية بما يتماشى مع الوظيفة الأساسية لها، وإضافة عدد من الوظائف النوعية فيها، وجعل الوحدات الإدارية في كل المستويات مسؤولة مباشرة عن الخدمات والاقتصاد والثقافة وكافة الشؤون التي تهم المواطنين في هذه الوحدات، بحيث تقتصر مهمة السلطات المركزية على التخطيط والتشريع والتنظيم وإدخال أساليب التقنية الحديثة وتنفيذ المشروعات الكبرى التي تعجز عن تنفيذها الوحدات الإدارية.‏
أما ثالثها فقضى بتعزيز الإيرادات المالية للوحدات الإدارية لتمكينها من ممارسة الدور التنموي في المجتمع المحلي، إلى جانب الدور الخدمي، وجعل هذا المجتمع مسؤولاً عن الحفاظ على موارده وتنمية هذه الموارد لتحسين المستوى المعيشي للمواطنين، وتقديم خدمات أفضل وتطوير فرص اقتصادية وتنموية ضمن الوحدات الإدارية تساعد على تأمين فرص عمل وإيجاد حالة من التكامل بين الدور الخدمي والدور التنموي.
ليصل في رابع أهدافه إلى النهوض بالمجتمع في إطاره المحلي والمساعدة على النمو المتوازن وتكافؤ الفرص بين المناطق بتكريس التعاون المشترك بين الوحدات الإدارية من خلال إحداث إدارات مشتركة تستطيع أن تنفذ برامج ومشاريع كبرى بشكل كفوء وفعال.
ليختم بخامسها وهو تبسيط الإجراءات لتأمين الخدمات للمواطنين عن طريق إنشاء مراكز خدمة للمواطن تختص بمنح الرخص والخدمات والرعاية كافة بشكل مباشر وفق الأنظمة والشروط الموضوعة من قبل مجالس الوحدات الإدارية والوزارات والإدارات المعنية وصولاً للحصول عليها عبر خدمات الحكومة الإلكترونية بما يوفر الجهد والوقت والمال.

لا تزيد..!
الخبير أكد أن القانون أناط مهمة إصدار الخطة الوطنية اللامركزية، بالمجلس الأعلى للإدارة المحلية والمشكل من: (رئيس مجلس الوزراء رئيساً‏- الوزير نائباً للرئيس‏- رئيس هيئة التخطيط والتعاون الدولي عضواً- المحافظون أعضاء‏- رؤساء المجالس المحلية للمحافظات أعضاء‏- رئيس هيئة التخطيط الإقليمي عضواً‏- معاون الوزير عضواً ومقرراً‏). وتابع مبيّناً أنه وبحسب المادة السادسة من فصله الثالث فعلى المجلس الأعلى أن يقوم وخلال فترة زمنية لا تزيد عن ستة أشهر من تاريخ صدور القانون بإصدار الخطة الوطنية اللامركزية، علماً أن القانون كما ذكرنا بداية صدر في 23/8/2011، أي أن التأخير الزمني هو بحدود سبعة أعوام تقريباً، ويبدو أن أسباب ذلك يعود للأزمة التي تعرض لها الوطن.
الضوء الأخضر
الخبير الحلاق كشف عن أنه من المرجح أن تصدر الخطة الوطنية للامركزية، خلال النصف الأول من العام القادم 2019، نظراً لقرار انتخابات الإدارة المحلية التي أنجزت في 16 أيلول عام 2018، الأمر الذي اعتبره بمثابة إعطاء الضوء الأخضر للمجلس لإكمال تنفيذ بنود قانون الإدارة المحلية، نظراً للعائد الوطني الكبير الناتج عن تنفيذها: اقتصادياً واجتماعياً، معتبراً أن اللامركزية الإدارية، هي إدارة بحد ذاتها، وقائمة بحد ذاتها أيضاً، وهي تجعل مفاصل الدولة تعمل بشكل أكثر فعالية، لأنها تحاكي الخصوصية الجغرافية، إضافة للقيمة المضافة الكبرى الناتجة عن تنوع الخصوصيات التي تؤدي إلى مخرجات متنوعة، تثري الخبرات الممكن تطبيقها في كل الأماكن على كامل الجغرافية السورية، وتجعل المجالس المحلية خلية نحل، تعمل بقدرات وافدة عليها أكبر بكثير مما قبل اللامركزية الإدارية.
وختم الرأي معقباً، إن القرار بإجراء الانتخابات المحلية، وانعكاس هذا القرار، هي التي ستتابع إصدار الخطة الوطنية اللامركزية، نظراً للحاجة الماسة لها اقتصادياً واجتماعياً.

بصريح السؤال..!
أما نحن فنتساءل أولاً: ما دامت خطة – يعني لن تتجاوز الورق الذي ستكتب عليه – ألم تكن ممكنة الإنجاز، وبذلك تكون جاهزة للمباشرة بتطبيقها في أي وقت..؟!. أي وفرنا زمناً إضافياً هاماً سيهدر لأجلها، زمن طالما أسقطناه من حسابات الجدوى الاقتصادية في أي مشروع..!. أما ثانياً فنختم بالسؤال البسيط التالي: وماذا إن لم يتم إنجاز الخطة، وتمت مناقلتها إلى آخر..؟!. هنا نود الإشارة إلى اجتماع رئيس الجمهورية الأخير مع الحكومة المعدلة وحديثه الخاص حول “إشكاليات قوانيننا” التي تُعدُّ وتصدر، نقطة من بداية العام القادم.
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com