دراساتصحيفة البعث

العدوانية تهيمن على سياسة ترامب الفضائية

ترجمة: عناية ناصر
عن موقع غلوبال تايمز 13/4/2019
تعتقد إدارة ترامب أن العدوانية وزيادة التسلّح في الأرض والفضاء سبيلها لاستعادة هيبة أمريكا، واستمرار زعامتها للعالم، متجاهلة كلّ الحقائق التي تؤكد أن التعاون والتنافس السلمي هما الطريق لتحقيق مصالح الجميع.أعلن نائب الرئيس الأمريكي مايك بينس في أواخر آذار عن خطط الإدارة الأمريكية للعودة إلى القمر خلال السنوات الخمس المقبلة، مع اقتراب الذكرى الخمسين لهبوط أول مركبة فضائية مأهولة على القمر. عيّن دونالد ترامب قائد القوات الجوية الجنرال جون ريموند لقيادة قاعدة الفضاء الأمريكية التي تمّ إنشاؤها مؤخراً والتي أكدها بينس في خطابه، وأشار نائب الرئيس الأمريكي إلى التقدم الذي أحرزته روسيا والصين في مجال الفضاء كدليل على أن الولايات المتحدة في “سباق فضاء”.
بالنظر إلى الخطوات التي اتخذتها إدارة ترامب في العامين الماضيين، من الواضح أن الولايات المتحدة أصدرت سلسلة متتالية من الوثائق الإستراتيجية، وطبّقت سياسات أمنية خاصة في مجال التكنولوجيا المتقدمة، والمنافسة الفضائية. وبناء على هذه الوثائق وجد الباحثون أن منظور ترامب الأمني ​​يعتمد على فهمه “الهوبزي” وعلى التفاعلات الإستراتيجية، وتأثير مستشاريه الأمنيين داخل الحزب الجمهوري.
وما يجب ملاحظته هو أن تصوّر ترامب للتهديد الدولي والأمن القومي يتأثر بمجموعات المصالح الرئيسية، مثل المجمع الصناعي العسكري، فلدى مجموعات المصالح تلك أسباب كثيرة لإقناع جميع الرؤساء (وليس فقط ترامب) بضخ رؤوس الأموال الطائلة في الصناعة الدفاعية، وبالتالي، فإن تخيّل أو إنشاء عدو يُسمّى بالعدو الشرير أمر لا غنى عنه، ويبدو أن الصين هي “المحظوظة” في لعب هذا الدور في خطاب ترامب العسكري الصناعي، وكذلك روسيا.
هناك منظور آخر لتحليل ميل إدارة ترامب لـ”سباق الفضاء” وهو سعي الولايات المتحدة لاستعادة هيبتها، إذ تثبت البيانات الأكاديمية والأدلة السياسية وجود علاقة بين السعي لتحقيق المكانة ومنافسة القوة العظمى. في هذا الصدد، امتد التوتر الاستراتيجي المتزايد بين واشنطن وبكين إلى الفضاء، إذ تنافست الصين والولايات المتحدة لفترة طويلة في الفضاء، وتسارعت المنافسة بينهما بشكل كبير خلال العقود الماضية.
في سعيها هذا للحصول على المكانة، تعتبر الولايات المتحدة، كقوة مهيمنة الإنجاز في مجال الفضاء مظهراً حاسماً لقوتها التي تمنحها الاحترام من الحلفاء وتساعد في الحفاظ على مكانتها الدولية كزعيم للعالم.
في الوقت الحالي، لا تزال السياسات الأمنية لترامب في مرحلة التكوين، إذ تركز على الاستراتيجية العسكرية، وعلى استراتيجية الفضاء الجديدة، والأمن الإقليمي، بما في ذلك إستراتيجية المحيطين “الهادئ” و”الهندي”. وفي هذه المجالات الثلاثة تشكّل المبادرات المنهجية اللبنات الأساسية للهيكل الثلاثي للإطار الأمني ​​لترامب.
ومن أجل إعادة تفوق القوات المسلحة الأمريكية والحفاظ على مكانتها، تتبنى الولايات المتحدة موقفاً أكثر عدوانية وتوسعية، يستهدف الصين، كما تسيطر العدوانية والعسكرة أيضاً على إستراتيجية الفضاء الجديدة لإدارة ترامب.
لن يكون التعديل في إستراتيجية ترامب الأمنية سهل المنال، إذ لا يزال يعاني الكثير من القيود المختلفة مثل قيود الإنفاق العسكري، وعدم كفاية القدرة على التعامل مع قوتين عظميين، الصين وروسيا في الوقت نفسه، ومحاولة احتواء مؤسسات الدولة. ولكن على المدى الطويل، فإن الولايات المتحدة وجميع البلدان الأخرى هي جزء من مجتمع المستقبل المشترك للبشرية، ووحدها المنافسة السليمة بينهما في الفضاء يمكن أن تفيد جميع أصحاب المصلحة.