صحيفة البعثمحليات

يستبقون “رمضان” بنكث العهود ورفع الأسعار و”كلام التجار يمحوه النهار”  القدرة الشرائية تنخفض..والرهان على التدخل الإيجابي وتشديد الرقابة

استبق التجار حلول شهر رمضان بأسابيع ليرفعوا أسعار منتجاتهم مستغلين الشائعات والظروف الاقتصادية، وما تشهد الأسواق خلال هذه الفترة من ازدحام للمواطنين لتأمين الحاجات الأساسية والمواد الغذائية، خاصة في شهر رمضان، علماً أن التجار أكدوا خلال اجتماعهم مع وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك أنه ليس من المعقول أو المقبول أن يكون هناك أي ارتفاع للأسعار خلال شهر رمضان وموسم الأعياد، ولاسيما أن هناك وفرة بالمواد والالتزام بالأسعار التي كانت رائجة سابقاً. وتعهد أصحاب ووكلاء بعض الشركات الغذائية في اجتماعهم مع الوزير، أنهم سيطرحون منتجاتهم بأسعار مخفضة ولن يقوموا برفع سعر أي سلعة من منتجاتهم على الإطلاق، إلا أن “كلام التجار يمحوه النهار”، فالواقع يحكي ارتفاعاً في أغلب المواد، ما جعل المستهلك يلجأ إلى سياسة الترشيد وشراء الحاجة الضرورية وبكميات قليلة على غير العادة، وذلك حسب تأكيدات المواطنين، الذين أشاروا إلى غياب الفرح بسبب ارتفاع الشديد في الأسعار التي يتحمل مسؤوليتها المنتج، وذلك بحسب رأي تجار المفرق الذين عبروا عن استيائهم من تحكم المنتجين وتجار الجملة بالسوق، حيث يوضح أبو حسين -صاحب سوبر ماركت- أن المنتج يلعب على حماية المستهلك بكتابة فاتورة لحماية نفسه فيها ربح كبير على كل مادة، في الوقت الذي يترك لنا هامش ربح بسيط ليرمي الكرة في ملعب بائعي المفرق في حال تقاضوا زيادة عن التسعيرة التموينية، لافتاً إلى أن المحاسبة يجب أن تكون بملاحقة المنتج قبل بائع المفرق، ففي حال ضبطت أسعار المنتج سيرافقه انضباط والتزام البائعين.

انخفاض وفجوة

وأكد أغلب البائعين على انخفاض القدرة الشرائية لدى المستهلك، ما أدى لتدني الإقبال على شراء المواد الغذائية، إلا بحدود الدنيا، فلم يعد المواطن قادر على شراء “المونة” بسبب ارتفاع الأسعار، ما جعل بعض المحال تعاني الركود بوجود فجوة كبيرة بين القدرة الشرائية والمستوى العام للأسعار التي شهدت ارتفاعاً ملحوظاً في الفترة الأخيرة، حيث أشار الخبير الاقتصادي الدكتور سنان علي ديب أن التجار والسماسرة لا يقصرون عن رفع الأسعار بأي تغيير يحصل بصورة ابتزازية، حيث ارتفعت أسعار الخضار والزيوت والأرز بحجة أزمة البنزين وارتفاع الدولار في ظل غياب القرارات الرادعة والصارمة من وزارة “حماية المستهلك” والقيام بدورها الحقيقي، خاصة مواجهة الاحتكار مع التدخل الإيجابي في الأسواق وتشديد الرقابة على الأسواق، معتبراً أنه لابد من وضع آليات وخطط ناجعة تلجم تجار الأزمات والمحتكرين واستنفار كامل لكوادر الوزارة في جميع المديريات للتخفيف والحد من ارتفاع الأسعار.

رقابة مشددة

ولفت ديب إلى أن إقبال المواطنين على شراء المواد الغذائية والمشروبات الرمضانية وأصناف من الحلويات التقليدية، ما يفسح المجال عند بعض ضعاف النفوس واستغلال هذا الشهر بزيادة على الأسعار أو التلاعب والغش والتدليس، ما يتطلب إجراءات إضافية من الجهات الرقابية، خاصة فيما يتعلق بالمواد الغذائية، علماً أن وزارة حماية المستهلك استعدت وتحركت قبل فترة بتوجيه جميع مديريات التجارة الداخلية وحماية المستهلك على تشديد الرقابة على الأسواق خلال شهر رمضان والعيد من خلال التركيز على مراقبة المواد الغذائية، وذلك كما جاء على لسان مدير حماية المستهلك في الوزارة علي الخطيب في تصريح سابق، حيث أوضح أن الدوريات مستنفرة على مدار الساعة والتأكد من سلامة المنتجات للاستهلاك البشري من خلال سحب العينات وتحليلها في مخابر الوزارة، إضافة لتفعيل عمل دوريات حماية المستهلك ورفدها بعناصر جديدة وتحديد مناوبات ومعالجة كل الشكاوى الواردة والحالات الطارئة.

“خطي وحرام”

وفي اتصال مع رئيسة جمعية حماية المستهلك في دمشق وريفها سراب عثمان أكدت على تفعيل ثقافة الشكوى من المواطن والتعاون مع مديريات حماية المستهلك والابتعاد عن ثقافة “حرام وخطي” لأن المواطن هو “الخطي”، مؤكدة على تعاون الوزارة والجمعية في عملية ضبط الأسواق، ولاسيما أن الوزارة تتجاوب مع أي مقترح أو شكوى من قبل الجمعية.

ولفتت عثمان إلى قيام الجمعية بدور التوعية والتشجيع على ثقافة الترشيد وشد الأحزمة، داعية إلى توجه المستهلك إلى صالات ومنافذ السورية للتجارة لشراء احتياجاته، خاصة اللحوم والمواد الغذائية، ولاسيما أن السورية للتجارة سارعت بضخ المواد الأساسية والغذائية واتخاذ كل الإجراءات الضرورية لتأمين جميع السلع في كل صالات ومنافذ البيع بجميع المناطق، حيث كشف مدير السورية للتجارة في ريف دمشق أحمد حناوي عن طرح السلل الرمضانية وبأسعار متنوعة تبدأ من 3 آلاف ليرة وتصل إلى 10 آلاف ليرة، واستمرار البيع بالتقسيط لآخر رمضان للعاملين وبسقف 50 ألف ليرة ونتواجد في كل الأنشطة التجارية الرمضانية كمهرجانات التسوق والخيم الرمضانية والسيارات الجوالة، مع تعزيز المنافذ والصالات الموجودة بالمواد بأسعار منافسة للأسواق، ولاسيما الزيوت والسمون والبقوليات والمعلبات والسكر والرز وبأسعار مخفضة بنسبة 10 إلى 15 بالمئة مقارنة بالأسواق، مشيراً إلى زيادة التدخل الإيجابي في أسواق اللحوم من خلال افتتاح صالات متخصصة ببيع اللحوم بأسعار تقل بنحو 20 بالمئة عن أسعار السوق.

أمل وحزم

وأخيراً يبقى أمل المستهلك بنجاح وزارة “حماية المستهلك” في القيام بالعمل المنوط بها وضبط الأسواق، وتأمين المواد بأسعار مقبولة وتشديد الرقابة الحقيقية لا الإعلامية والتغني بعدد الضبوط والمخالفات والتي “لاتسمن ولا تغني عن جوع ” فالأسواق لا تضبط بالتمني والرجاء، فالموضوع بحاجة إلى حزم وإجراءات رادعة.

علي حسون