ثقافةصحيفة البعث

الدراما المحلية وبوادر تعافيها

“المكتوب مبين من عنوانه”، كما يقال؛ نستطيع أن نسحب هذا القول، على مجمل الأعمال الدرامية المحلية لموسم 2019، فجهود أيام وشهور طويلة للمشتغلين في حقل الألغام هذا، ظهرت نتائجها في المواجهة الأولى مع الجمهور الذي ينتظر في هذا الموسم الدرامي كما في غيره، أعمالا درامية تلفزيونية سورية جيدة، خصوصا وأنه –أي الجمهور-  ناقد قاس لا يرحم، وإن لم تقدر المواجهة الأولى بين العديد من تلك المسلسلات المحلية والجمهور أن تترك أثرها في وجدان الأخير، فبكل بساطة وبكبسة زر واحدة، يستطيع أن يعدم أعمالا بأكملها وهو جالس ومسترخ أمام التلفاز، متنقلا بين القنوات حتى يجد ضالته في إحداها.

في اليوم الأول من الموسم الدرامي الحالي، حملت العديد من المسلسلات السورية، بشائر تعاف واضح، خصوصا وأن العديد من تلك الأعمال، تم ضخ أسباب التعافي في أوردتها، وذلك على يد العديد من الكتّاب والمخرجين والممثلين الجدد على الساحة الدرامية، أولئك الذين تنافسوا بشرف، ليقدم كل منهم ما لديه، وكان ما قدمته الحلقات الأولى من بعض هذه الأعمال، أنها تركت أثرها المباشر على الجمهور وإن كان بنسب متفاوتة، وسيكون لنا وقفة مع هذه النسب.

المؤكد هو أنه لا رأي نقدي قاطع يمكن تكوينه خصوصا من الحلقة الأولى، إلا أن العديد من الدلائل تدل على جودة هذا العمل الدرامي أو غيره، مثل الصورة، الأداء، الأزياء، الموسيقى، الممثلون، والمناخ  العامل لهذا المسلسل أو ذاك.

نستطيع القول وبشكل عام، أن درامانا المحلية، بدأت ترمم ما انعطب فيها بقوة، وها هي تنفض طبقة سميكة من الغبار الذي تجمع فوق العديد من مفاصلها، حتى تلك التي لا ترقى حتى لتسمية “مسلسل”.

موسم 2019 الدرامي المحلي، يُبشر بقدوم الأفضل، وهذا يحدث عندما يتم تقديم جرعات درامية عالية الجودة للجمهور المنتظر أن يرى نفسه على الشاشة، فالدراما محاكاة في جوهرها الفني، وما تم لمسه من الحلقة الأولى للعديد من الأعمال التي استطعنا أن نتابع بعضها، يبشر كما أسلفنا بتعاف متدرج في الصعود، حتى الوصول للقمة كما كان سابقا، والمهارة كما يحكى، ليست في الوصول إلى القمة فقط، بل المهارة والإبداع هو في المحافظة على بقائها في القمة، لا أن تنحدر عنها كما مرّ علينا في السنون القريبة الماضية.

الدراما التلفزيونية المحلية الجيدة، تجمع الناس، وتلم السوريين من كل الأصقاع التي صاروا فيها، في الداخل والخارج، وهنا يظهر سؤالا تتحتم علينا الإجابة عنه لاحقا، حول إذا كانت الأعمال الدرامية، سواء تلك التي تُصنع بين ربوع البلاد، وتلك التي تمت صناعتها خارجها رغم أن أغلب كوادرها سورية، هل نستطيع أن نصفها بكونها دراما سورية؟ مثلها مثل أي مسلسل محلي الصنع؟ أم أن ثمة فروقا بين هذه وتلك؟ والضرورة الآن تقتضي أن نصل لجواب لهذا السؤال، فواحد من أهم أشكال التعافي الدرامي المحلي وشفائه من كسر عموده الفقري، هو ما يكمن في الجواب، ولهذا الكلام، حديث قريب آخر.

تمّام علي بركات