الصفحة الاولىرأيسلايد الجريدةصحيفة البعث

إدلب.. وسقوط زعامة الإخــــوان

بعد هزيمة “العدالة والتنمية” في انتخابات إسطنبول، ستكون الهزيمة الميدانية في إدلب القشّة التي ستقصم ظهر الطغمة الأردوغانية، فما من سبب لنهاية مسار أو حياة سياسية أقوى وأقرب من هزيمة عسكرية خارجية.. هزيمة ستكون مزدوجة حقاً، ودون مبالغة، وبكل معنى الكلمة، رغم أن الطاغية الإخواني، الذي أرادها حلقة جديدة من مسلسل حروب الوكالات التي يدير واحدة من أهمها في شمال سورية، لم يظهر طول نفس استراتيجي، ولم يتحمّل حملة عسكرية من عدة أيام، ليجد نفسه مرغماً على فتح أوراقه كلها واللعب بطريقة مفضوحة وسافرة.. فها هو يقود “هجوماً معاكساً” يستهدف الجيش العربي السوري شمال غرب حماة، ويقدّم دعماً نارياً ولوجستياً ضخماً للعصابات المسلحة، مستقدماً التعزيزات لنجدة الجولاني و”هيئة تحرير الشام”، ومسخّراً نقطة المراقبة التركية، التي أقيمت أساساً في إطار اتفاق خفض التصعيد، كمنصة لإطلاق الانغماسيين ضد القوات العربية السورية المتقدّمة.

أكثر ما يخشاه أردوغان أن تسحق قواتنا الباسلة العصابات الإرهابية في ريفي حماة وإدلب، وتقضي على البؤرة الإرهابية في الشمال الغربي من سورية. هو يدرك في قرارة نفسه أن معركته خاسرة سلفاً، وأن الساعة آتية لا ريب فيها للقضاء على الإرهاب نهائياً، ولكنه معني بالخروج بنوع من حفظ ماء الوجه علّه يصرفه في بازار الترتيبات اللاحقة التي يخمن أنه سيكون هناك من سيستشيره فيها، أو يطلب منه رأياً، أو يصغي إليه حتى. لقد بات النصر (نصره!) مستحيلاً، وهو سيقبل اليوم أي تتويج – ولو كان كاذباً – بين صفوف مكافحي الإرهاب. لا يمكن لأردوغان أن يتقبّل هزيمة معلنة في الشمال السوري لأن مثلها سوف تسدل الستار على “الملحمة” الدموية التي كانت خططت لها وأطلقتها إدارة أوباما لتسليم المنطقة إلى “الإخوانية السياسية”، لتبلغ ذروتها مع تفجّر “الشتاء العربي”، قبل أن تبدأ اليوم بالتلاشي والانكفاء في الغالبية العظمى من بلدان “الثورات”؛ فإن “سقطت” إدلب اليوم، فسوف تسقط معها الزعامة الأردوغانية للتنظيم العالمي للإخوان، وسوف تسقط معها أيضاً تلك الاستضافة/ الملاذ التي جعلت من إسطنبول عاصمة التنظيم لسنوات! ولكنه – أردوغان – يعاين الهزيمة كل ساعة، وكل لحظة، منتظراً القضاء الذي لا راد له؛ فتركيا، في النهاية، لا تستطيع فعل أي شيء لوقف عملية تحرير إدلب من الإرهابيين.. وكل ما هنالك أنها ستطلب العودة إلى مسار أستانا في اللحظة التي تتأكّد فيها من حتمية اندحار التنظيمات الإرهابية.. إن كان بقي هناك من مسار!!.

جهد أردوغان لتكريس نوع من سياسة الأمر الواقع، التي خمّن أنها ستمكّنه، على المدى الطويل، وبالتحالف مع الحثالات من الخونة والعملاء وبقايا التكفيريين من “داعش” و”النصرة”، من تتريك المناطق التي أخضعت لـ “ضمانته”، ومن ثم إلحاقها بـ “ديار الإخوان”، الامبراطورية الموعودة التي اختارها الاستعماريون الجدد لمتأسلمي القرن الحادي والعشرين، على أن يعقدوا زعامتها لـلسلطان القادم على أجنحة صناديق الاقتراع. لقد آثر استغلال اتفاقات أستانا لتحقيق مكاسب وأطماع توسعية، وعزف مراراً أمام بوتين على أنغام الشراكة في مكافحة الإرهاب، معيداً، بين كل نغمة ونغمة، صفقة الصواريخ “إس 400” إلى دائرة السجال؛ ولكن للحرب ديناميتها الذاتية وقانونها الخاص، ولن يطول الوقت الذي سيجلب معه المفاجأة / الانكشاف، حينما ستندلع المواجهات بين المجموعات التكفيرية، إياها، وبين المرشد العام التكفيري أردوغان، على خلفية الاتهامات المتبادلة بالخيانات والطعونات في الظهر، مع تبدد غبار الحرب، والاضطرار للاعتراف بالاندحار!!

بســـــــام هاشــــــــم